1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

كتاب "من عقائد الشيعة" يعطيك المبادئ الرئيسية لعقيدة الرافضة

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه د/ أحمد، ‏27 مايو 2009.

  1. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    ماعقيدة الرافضة في البيعة ؟

    ماعقيدة الرافضة في البيعة ؟


    يعتبر الرافضة كل حكومة غير حكومة الاثنى عشر باطلة، جاء في ( الكافي بشرح المازندراني ) و(الغيبة) للنعماني عن أبي جعفر قال : (( كل راية ترفع قبل راية القائم - مهدي الرافضة - صاحبها طاغوت )) (1).

    ولا تجوز الطاعة لحاكم ليس من عند الله إلا على سبيل التقية، والإمام الجائر والظالم والذي ليس أهلاً للإمامة وما شابه ذلك من أوصاف، كل ذلك يطلقونه على حكام المسلمين من غير أئمتهم، وعلى رأس هؤلاء الحكام الخلفاء الراشدون - رضوان الله عليهم - أبو بكر وعمر وعثمان.

    وقال الرافضي المجلسي وهو أحد ضُلاَّلهم صاحب ( بحار الأنوار ) عن الخلفاء الثلاثة الراشدين : (( إنهم لم يكونوا إلا غاصبين جائرين مرتدين عن الدين لعنة الله عليهم وعلى من اتبعهم في ظلم أهل البيت من الأولين والآخرين )) (2).

    هذا ما يقوله إمامهم المجلسي الذي يُعد كتابه من أهم مصادرهم الأساسية في الحديث في أفضل الأمة بعد رسل الله وأنبيائه.

    وبناءً على مبدئهم في خلفاء المسلمين اعتبروا كل من يتعاون معهم طاغوتاً وجائراً، روى الكليني بسنده عن عمر بن حنظلة قال : (( سألت أبا عبدالله عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث تحاكما إلى السلطان وإلى القضاء : أيحل ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم بحق أو باطل فإنما يأخذ سحتاً وإن كان حقاً ثابتاً له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت )) (3).

    قال الخميني - الهالك، عليه من الله ما يستحق - معقباً على حديثهم هذا : (( الإمام نفسه ينهى الرجوع ‘لى السلاطين وقضاتهم، ويعتبر الرجوع إليهم رجوعاً إلى الطاغوت )) (4).


    ..........................................
    (1) الكافي بشرح المازندراني (371/12)، وانظر كتاب البحار (113/25).
    (2)كتاب البحار للمجلسي (385/4).
    (3) الكافي للكليني (67/1)، والتهذيب (301/6)، ومن لا يحضره الفقيه (5/3).
    (4) الحكومات الاسلامية ص74.​
     
  2. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    ما حكم التقريب بين أهل السنة الموحدين والرافضة المشركين ؟

    ما حكم التقريب بين أهل السنة الموحدين والرافضة المشركين ؟


    أكتفي أخي القارىء بذكر مقالة من مقالات الدكتور ناصر القفاري في كتابه (مسألة التقريب) وهي المقالة السابعة، حيث قال - حفظه الله تعالى - في ذلك :

    (( كيف يمكن التقريب مع من يطعن في كتاب الله ويفسره على غير تأويله ويزعم بتنزل كتب إلهيه على أئمته بعد القرآن الكريم (1)، ويرى الإمامة نبوة، والأئمة عنده كالأنبياء أو أفضل، ويفسره عبادة الله وحده التي هي رسالة الرسل كلهم بغير معناها الحقيقي، ويزعم أنها طاعة الأئمة وأن الشرك بالله طاعة غيرهم معهم، ويكفر خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحكم بردة جميع الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة أو سبعة على اختلاف رواياتهم، ويشذ عن جماعة المسلمين بعقائد في الأمامة والعصمة والتقية ويقول بالرجعة والغيبة والبداء )) (2).



    ............................................
    (1) انظر أخي القارىء في آخر هذه الرسالة إحدى السور التي يدعَّي الرافضة أنها حذفت من القرآن وهي سورة (( الولاية )) منقولة من كتاب فصل الخطاب للرافضي الهالك للنوري الطبرسي، وهذا تكذيب ورد على المولى سبحانه وتعالى الذي تعهد كتابه لقوله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). فهل يشك عاقل في كفر من أعتقد بهذا الاعنقاد من الروافض؟
    (2) مسألة التقريب للشيخ د. ناصر القفاري حفظه الله ونفع المسلمين بما كتب (302/2).​
     
  3. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    ما أقوال أئمة السلف والخلف في الرافضة ؟

    ما أقوال أئمة السلف والخلف في الرافضة ؟


    قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله رحمة واسعة - : (( وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والاسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الاسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب )).

    قال أشهب بن عبدالعزيز : (( سئل مالك - رحمه الله - عن الرافضة فقال : لاتكلمهم ولا تروي عنهم فإنهم يكذبون. وفال مالك : الذي يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لهم أسم، أو قال: نصيب في الاسلام )).

    وقال أبن كثير عند قوله سبحانه : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوارة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) (1). وقال : (( ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك - رحمة الله عليه - في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة - رضوان الله عليهم - قال : لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة - رضي الله عنهم - فهو كافر لهذه الآية )).

    قال القرطبي : (( لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن نقص واحدا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين ))(2).

    وقال أبو حاتم : (( حدثنا حرملة قال : سمعت الشافعي - رحمه الله - يقول لم أرَ أحداً أشهدَ بالزور من الرافضة )).

    وقال مؤمل بن أهاب : (( سمعت يزيد بن هارون يقول : (يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون )).

    وقال محمد بن سعيد الأصبهاني : (سمعت شريكاً يقول : احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً )). وشريك هو شريك بن عبدالله، قاضي الكوفة.

    وقال معاوية : (( سمعت الأعمش يقول : أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذابين )). يعني أصحاب المغيرة بن سعيد الرافضي الكذاب كما وصفه الذهبي (3).

    قال شيخ الإسلام - رحمه الله - معلقاً على ما قاله أئمة السلف : (( وأما الرافضة فأصل بدعتهم زندقة وإلحاد وتعمُّد، الكذب كثير فيهم، وهم يقرون بذلك حيث يقولون : ديننا التقية، وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه وهذا هو الكذب والنفاق فهم في ذلك كما قيل : رمتني بدائها وانسلت ))(4).

    قال عبدالله أحمد بن حنبل : (( سألت أبي عن الرافضة، فقال : الذي يشتمون أو يسبون أبا بكر وعمر )). وسئل الامام أحمد عن أبي بكر وعمر فقال : (( ترحم عليهما وتبرأ ممن يبغضهما ))(5).

    روى الخلال عن أبي بكر المروزي قال : ((سألت ابا عبدالله عمن يشتم أبابكر وعمر وعائشة، قال ما أره في الاسلام )) (6).

    وروى الخلال قال : (( أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال : ثنا موسى بن هارون بن زياد قال : سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبابكر قال:كافر، قال: فيصلى عليه؟ قال:لا ))(7).

    قال ابن حزم - رحمه الله - عن الرافضة عندما ناظر النصارى وأحضروا له كتب الرافضة للرد عليه : (( إن الرافضة ليسوا مسلمين، وليس قولهم حجة على الدين، وإنما هي فرقة حدث أولها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة وكأن مبدئها إجابة ممن خذله الله لدعوة من كاد الاسلامن وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في التكذيب والكفر ))(8).

    وقال أبو زرعة الرازي : (( إذا رأيت الرجل ينقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق )).

    وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية سؤالاً جاء فيه أن السائل وجماعة معه في الحدود الشمالية مجاورون للمركز العراقي، وهناك جماعة على مذهب الجعفربة ومنهم من امتنع عن أكل ذبائحهم ومنهم من أكل، ونقول : هل يحل لنا أن نأكل منها علماً بأنهم يدعون عليا والحسن والحسين وسائر سادتهم في الشدة والرخاء؟ فأجابت اللجنة برئاسة سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالله بن غديان، والشيخ عبدالله بن قعود - أثابهم الله جميعاً - :

    الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد :

    إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون علياً والحسن والحسين وسادتهم فهم مشركون مرتدون عن الاسلام والعياذ بالله، لايحل الأكل من ذبائحهم لأنها ميتة ولو ذكروا عليها أسم الله (9).

    وسئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله ورعاه من كل سؤ - سؤالا جاء فيه فضيلة الشيخ يوجد في بلدتنا شخص رافضي يعمل قصابا ويحضره أهل السنة كي يذبح ذبائحهم، وكذلك هناك بعض المطاعم تتعامل مع هذا الشخص الرافضي وغيره من الرافضة الذي يعملون في نفس المهنة. فما حكم التعامل مع هذا الرافضي وأمثاله؟ وما حكم ذبحه : هل ذبيحته حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين والله ولي التوفيق.

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد : فلا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالباً مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعناهم مرارا، وذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها.

    كما هم يغلون في وصف علي - رضي الله عنه - ويصفونه بأوصاف لاتصلح إلا لله، كما سمعناهم في عرفات، وهم بذلك مرتدون حيث جعلوه رباً وخالقاً، ومتصرفاً في الكون، ويعلم الغيب، ويملك الضر والنفع، ونحو ذلك.

    كما أنهم يطعنون في القرآن الكريم، ويزعمون أن الصحابة حرفوه وحذفوا منه أشياء كثيرة تتعلق بأهل البيت وأعدائهم، فلا يقتدون به ولا يرونه دليلاً.

    كما أنهم يطعنون في أكابر الصحابة كالخلفاء الثلاثة وبقية العشرة، وأمهات المؤمنين، ومشاهير الصحابة كأنس وجابر وأبي هريرة ونحوهم، فلا يقبلون أحاديثهم، لأنهم كفار في زعمهم! ولا يعملون بأحاديث الصحيحين إلا ما كان عن أهل البيت، ويتعلقون بأحاديث مكذوبة أو لا دليل فيها على ما يقولون، ولكنهم مع ذلك ينافقون فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويخفون في أنفسهم ما لايبدون لك، ويقولون : من لا تقية له فلا دين له. فلا تقبل دعواهم في الأخوة ومحبة الشرع..إلخ، فالنفاق عقيدة عندهم، كفى الله شرهم، وصلى الله محمد وآله وصحبه وسلم(10).



    .........................................
    (1) سورة الفتح، الآية : 29 .
    (2) أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، د. ناصر القفاري (1250/3)
    (3) منهاج السنة لشيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - المجلد الاول (59-60).
    (4) منهاج السنة لشيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - (68/1).
    (5) المسائل والرسائل المروية عن الامام احمد بن حنبل، لبعد الإله بن سليمان الأحمدي (357/2).
    (6) السنة، للخلال (493/3). وهذا تصريح من الامام احمد في تكفير الرافضة.
    (7) السنة، للخلال (499/3).
    (8)الفصل في الملل والنحل لابن حزم (78/2).
    (9) فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء، المجلد الثاني، ص 264.
    (10) هذه الفتوى صدرت من سماحته بعد ان وجه إليه سؤال عن حكم التعامل مع الرافضة في عام 1414هـ، وأحب أن أبين حول ما يتردد أن الشيخ عبدالله الجبرين رعاه الله هو الذي تفرد بتكفير الروافض، والصحيح أن الأئمة من السلف إلى الخلف يكفرون هذه الفرقة وذلك لاقامة الحجة عليهم وانتفاء عذر الجهل عنهم.​
     
  4. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    سورة الولاية المزعومة

    سورة الولاية المزعومة

    من كتاب ( فصل الخطاب ) :
    يأيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم. نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم. إن الذبن يوفون ورسوله في آيات لهم جنات النعيم (كذا) والذين كفروا من بعد ما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم. ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم. إن الله الذي نور السموات الأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. قد مكر الذين من قبلهم برسلهم فأخذهم بمكرهم إن أخذي شديد أليم. إن الله قد أهلك عاداً وثموداً بما كسبوا وجعلهم لكم تذكرة فلا تتقون. وفرعون بما طغى على موسى وأخيه هارون أغرقته ومن تبعه أجمعين. ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون. إن الله يجمعهم في يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون. إن الجحيم مأواهم وأن الله عليم حكيم. يأيها الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون. مثل الذين يوفون بعهدك أني جزيتهم جنات النعيم. إن الله لذو مغفرة وأجر عظيم. وإن علياً من المتقين. وإنا لنوفينه حقه يوم الدين. ما نحن عن ظلمه بغافلين. وكرمناه على أهلك أجمعين. فإنه وذريته لصابرون. وإن عدوهم إمام المجرمين قل للذين كفروا بعدما آمنوا طلبتم زينة الحياة الدنيا واستعجلتم بها ونسيتم ما وعدكم الله ورسوله ونقضتم العهود من بعد توكيدها وقد ضربنا لكم الأمثال لعلكم تهتدون. يأيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتوليه من بعد يظهرون. فأعرض عنهم إنهم معرضون. إنا لهم محضرون. في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون. إن لهم جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون. فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلى يوم يبعثون. فاصبر فسوف يبصرون. ولقد آتيناك بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين. وجعلنا لك منهم وصياً لعلهم يرجعون. ومن يتولى عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين. يأيها الرسول قد جعلنا لك في أعناق الذين آمنوا عهدا فخذه وكن من الشاكرين. إن علياً قانتاً بالليل ساجداً يحذر الآخرة ويرجوا ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون. سنجعل الأغلال في أعناقهم وهم على أعمالهم يندمون. إنا بشرناك بذريته الصالحين. وإنهم لأمرنا لا يخلفون. فعليهم مني صلوات ورحمة أحياء وأمواتا يوم يبعثون على الذين يبغون عليهم من بعدك غضبي إنهم قوم سوء خاسرين. وعلى الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون. والحمد لله رب العالمين (1).



    ................................................
    (1) هذه سورة الولاية المزعومة، المنقولة من كتاب فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب تم اعادة طباعتها حتى يرى القارىء ردهم على الله الذي تعهد بحفظ كتابه من التغيير والتحريف.​
     
  5. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    لوح فاطمة المزعوم

    لوح فاطمة المزعوم


    هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله لا إله الا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين، وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي عذبته عذاباً لا أعذبه أحد من العالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم ابعث نبياً فأكملت أيامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا، وأني فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء، واكرمت بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي بعد انقضاء مدة ابيه، وجعلت حسينا خازن وحي واكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه وحجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب، اولهم علي سيد العابدين وزين اوليائي الماضيين وابنه شب جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي، سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لأكرمن مثوى جعفر ولأسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، اتيحت بعده موسىفتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لاينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الأوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي ولي وناصري ومن (...)(1) النبوة وامتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح إلىجنب شر خلقي، حق القول مني لآمرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار واختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري، والشاهد في خلقي وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن وأكلم ذلك بأبنه (...)(2) رحمة للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب، فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين، وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشوا الويل والرنة في نسائهم أولئك أوليائي حقاً، بهم أدفع فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والأغلال أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. قال عبدالرحمن بن سالم : قال أبو بصير : لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله (3) (*).


    .............................................
    (1) (2) كلمة غير واضحة لذا لم نستطع إثباتها.
    (*) يدعي الرافضة أن لوح فاطمة نزل به جبريل عليه السلام على فاطمة رصي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان مختبئا خلف الستار عند نزول جبريل على فاطمة وكان علي يدون ما قاله جبريل عليه السلام لفاطمة رضي الله عنها (كما ذكر ذلك الكليني في كتابه الكافي (186،185/1) وهذا كذب وافتراء عظيم حيث أن الوحي قد انقطع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فإن اللوح المكذوب هو عندهم بمثابة القرآن العظيم عند أهل السنة.
    (3) الكافي للكليني (527/1) الواي للفيض الكاشاني المجلد الأول ج 72/2 واكمالالدين لابن بابويه القمي ص301-304 واعلام الورى لأبو علي الطبرسي ص 152. ​
     
  6. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    دعاء صنمي قريش

    دعاء صنمي قريش (1)


    ويريدون به الدعاء على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها وإفكيها وابنتيها اللذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا نعامك وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرفا كتابك وأحبا أعدائك وجحدا آلاءك وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك وألحدا في آياتك، وعاديا أوليائك وواليا أعدائك وحربا بلادك، وأفسد عبادك.

    اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهم وأشياعهم وحمبيها فقد أخربا بيت النبوة، وردما بابه ونقضا سقفه، وألحقا سماءه بأرضه وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلا أهله، وأباد أنصاره، وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيته ووارث علمه وجحدا إمامته، وأشركا بربهما، فعظم ذنبهما وخلدهما في سقر، وما أدراك ما سقر، لا تبقي ولا تذر.

    اللهم العنهم بعدد كل منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومؤمن أرجوه، ومنافق ولوه، وولي آذوه، وطريد أووه، وصادق طرده، وكافر نصوه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وكفر نصبوه، وكذب دلسوه، وإرث نصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلوه، وباطل أسسوه، وجور بسطوه، ونفاق أسروه، وغدر أضمروه، وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وأمانة خانوه، وعهد نقضوه، وحلال حرموه، وحرام أحلوه، وبطن فتقوه، وجنين أسقطوه، وضلع دقوه، وصك مزقوه، وشمل بددوه، وعزيز أذلوه، وذليل أعزوه، وحق منعوه، وكذب دلسوه، وحكم قسبوه، وأمام خالفوه.

    اللهم العنهم بعدد كل آية حرفوها، وفريضة تركوها، وسنة غيروهان وأحكام عطلوها، ورسوم قطعوها، ووصية بدلوها، وأمور ضيعوها، وبيعة نكثوها، وشهادات كتموها، ودعواء أبطلوها، وبينة أنكروها، وحيلة أحدثوها، وخيانة أوردوها، وعقبة أرتقوها، ودباب دحرجوها، وأزيان لزموها.

    اللهم العنهم في مكنون السر، وظاهر العلانية لعناً كثيراً أبدا دائما سرمدا لا انقطاع لعدده، ولا نفاذ لأمده لعناً قيود أوله ولا ينقطع آخره، لهم ولأعوانهم وأنصارهم، ومحبيهم ومواليهم، والمسلمين لهم والسائلين إليهم، والناهقين باحتجاجهم والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم.

    ( قل أربع مرات ) : اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار، آمين رب العالمين.

    (ثم تقول أربع مرات ) : اللهم العنهم جميعاً، اللهم صل على محمد وآل محمد فأغنني بحلالك عن حرامك وأعذني من الفقر، رب أني أسأت وظلمت نفسي واعترفت بذنوبي وها أنا بين يديك فخذ لنفسك رضاها، لك العتبى لا أعود فإن عدت فعد علي بالمغفرة والعفو لك بفضلك وجودك ومغفرتك وكرمك يأ ارحم الراحمين. وصلى الله على سيد المرسلين وخاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين برحمتك يا أرحم الراحمين(2).



    ........................................
    (1) تم إعادة طباعة دعء صنمي قريش حتى يتمكن القارىء من قراءته الذي يعنون به أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة رضي الله عنهم أجمعين.
    (1) مفتاح الجنان لعباس القمي ص 114. ​
     
  7. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    الخاتمة

    الخاتمة

    وبعد أخي المسلم، لعلك الآن اتفقت معي في أن من يدين بهذه النحلة الفاسدة ليس من المسلمين وإن تسمى بالإسلام، إذن فما الواجب عليك أيها المسلم الموحد تجاه الرافضة، خاصة أنهم يعيشون بين المسلمين وينتسبون إليهم؟.

    إن الواجب عليك الحذر منهم وعدم التعامل معهم، والتحذير من معتقدهم الخبيث المبني على العداء لكل موحد آمن بالله وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - : (( وأما الرافضي فلا يعاشر أحدا إلا استعمل معه النفاق، فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة وغش الناس وإرادة السوء بهم، فهو لا يألوهم خبالاً ولا يترك شراً يقدر عليه إلا فعله بهم، وهو ممقوت عند من لا يعرفه، وإن لم يعرف أنه رافضي تظهر على وجهه سيما النفاق وفي لحن القول )) (1).

    إنهم يكنون لنا العداء والبغضاء، قاتلهم الله أنىّ يؤفكون، ومع نجد المخدوعين بهم من عامة أهل السنة يخالطونهم في أمور حياتهم، ويثقون بهم، وهذا كله بسبب الإعراض عن دين الله ومعرفة أحكامه التي تأمر المسلم بالعمل بعقيدة الولاء لكل مسلم موحد، والبراء من كل كافر أو مشرك.

    وبذا نكون قد علمنا الواجب علينا كمسلمين فهل من مجيب؟.

    نسأل الله أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يخذل الرافضة ومن شايعهم، وأن يجعلهم غنيمة للمسلمين، وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    جمع وترتيب الفقير إلى عفو ربه

    عبدالله بن محمد السلفي

    غفر الله له ولوالديه وللمسلمين



    .............................................
    (1) منهاج السنة النبوية لابن تيمية رحمه الله (360/3).​
     
  8. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    مراجع ننصح بها في الرد على الرافضة

    مراجع ننصح بها في الرد على الرافضة


    1- فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية

    2- منهاج السنة لشيخ الاسلام ابن تيمية

    3- الملل والنحل للشهرستاني

    4- الفرق بين الفرق للبغدادي

    5- مقالات الاسلاميين للاشعري

    * من الكتاب المعاصريين

    1- جميع مؤلفات الشيخ إحسان إلهي ظهير، رحمه الله

    2- مسألة التقريب - للشيخ د. ناصر القفاري

    3- أصول مذهب الشيعة الاثنا عشرية - للشيخ د. ناصر القفاري

    4- جميع مؤلفات الشيخ محمد مال الله

    5- بذل المجهود في مشابهة الرافضة لليهود - لعبد الله الجميلي

    6- حتى لا ننخدع - لعبدالله الموصلي

    7- الشيعة الاثناعشرية وتكفيرهم لعموم المسلمين - لعبد الله السلفي

    8- من قتل الحسين - لعبد الله بن عبد العزيز

    9- البرهان في تبرئة أبي هريرة من البهتان - لعبد الله الناصر

    10- الانتصار للصحب والآل - للدكتور إبراهيم الرحيلي

    11- كشف الجاني محمد التيجاني - للشيخ عثمان الخميس

    12- بل ضللت في رد أباطيل التيجاني - للشيخ محمد العسقلاني

    13- مع الاثني عشرية في الأصول والفروع - للدكتور علي السالوس

    14- تبديد الظلام وتنبيه النيام على خطر التشيع على المسلمين والاسلام - للشيخ سليمان الجبهان

    وغيرها كثير، وهذا على سبيل الاختصار لا الحصر
     
  9. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف


    التشيع لغة : هو المشايعة أي المتابعة والمناصرة والموالاة ( 1 ) .
    فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار وقد غلب هذا الإسم على أتباع علي عليه السلام حتى اختص بهم وأصبح إذا أطلق ينصرف إليهم .
    وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى : * ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) * 83 الصافات وكقوله تعالى : * ( هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) * 15 القصص .

    التشيع إصطلاحا : هو : الإعتقاد بآراء وأفكار معينة وقد اختلف الباحثون في هذه الأفكار والآراء كثرة وقلة وسيمر علينا ذلك مفصلا فالتشيع بالمعنى الثاني أعم منه بالمعنى الأول : وبينهما من النسب عموم وخصوص مطلقا والعموم في جانب التشيع بالمعنى الثاني لشموله لكل منهما .

    وانطلاقا من كون التشيع اعتقادا بآراء معينة ذهب العلماء والباحثون تبعا لذلك إلى تعريفه على اختلاف بينهم في سعة مدى هذه التعاريف وضيقه وإليك نماذج من تعريفاتهم :


    ( 1 ) صحاح الجوهري ج3 ص 156 ، وتاج العروس ولسان العرب مادة شيع . ( * )


    - ص 12 -


    1 - الشهيد الثاني في كتابه شرح اللمعة قال : " والشيعة من شايع عليا - أي اتبعه وقدمه على غيره في الإمامة وإن لم يوافق على إمامة باقي الأئمة ، فيدخل فيهم الإمامية والجارودية من الزيدية والإسماعيلية غير الملاحدة منهم والواقفية والفطحية " ( 1 ) .

    2 - الشيخ المفيد في كتاب الموسوعة كما نقله عنه المؤلف قال : " الشيعة هم من شايع عليا وقدمه على أصحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله واعتقد أنه الإمام بوصية من رسول الله أو بإرادة من الله تعالى نصا كما يرى الإمامية أو وصفا كما يرى الجارودية " . وقد نقل هذا المضمون نفسه كامل مصطفى الشيبي في كتابه الصلة ( 2 ) .

    3 - الشهرستاني في الملل والنحل قال : " الشيعة هم الذين شايعوا عليا وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصاية أما جليا وأما خفيا واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده " ( 3 ) .

    4 - النوبختي في كتابه الفرق قال : " الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي ومن وافق مودته مودة علي " ( 4 ) .

    5 - محمد فريد وجدي في كتابه دائرة معارف القرن العشرين قال : " والشيعة هم الذين شايعوا عليا في إمامته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ويقولون بعصمة الأئمة من الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري

    ( 1 ) شرح اللمعة ج2 ص 228 .
    ( 2 ) موسوعة العتبات المقدسة المدخل ص 91 . ( 3 ) الملل والنحل ص 107 .
    ( 4 ) فرق الشيعة . ( * )

    - ص 13 -


    قولا وفعلا إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم " ( 1 ) .

    هذه النماذج من التعريفات إنما قدمتها لنعرف ما هي مقومات التشيع في نظر الباحثين ، وقد تبين من بعضها : الإقتصار على وصف الشيعة بأنهم يقدمون عليا على غيره لوجود نصوص في ذلك أو وجود صفات اختص بها ولم تتوفر لغيره والواضح من ذلك أن جوهر التشيع هو الالتزام بإمامة علي وولده وتقديمه على غيره لوجود نصوص عندهم في ذلك وينتج من ذلك الالتزام بأمرين :
    الأول : بما أن الإمامة وليدة النصوص فهي امتداد للنبوة يترتب عليها ما يترتب على النبوة من لوازم عدى الوحي فإن نزوله مختص بالأنبياء .

    والثاني : أن الإمامة لا تتم بالانتخاب والاختيار وإنما بالتعيين من الله تعالى فهو الذي ينص على الإمام عن طريق النبي ، وإنما يختاره لتوفر مؤهلات عنده لا توجد عند غيره .

    أما الزيادة على ما ذكرناه والتي وردت في التعريفات التي نقلناها والتي قد توجد في كتب الشيعة الأخرى فهي مستفادة من أخبار وهي أعم من كونها من أصول المذهب أو من أصول الإسلام كما سنرى ذلك فيما يأتي أن الغرض من هذه الإشارة هو إلقاء الضوء على نقطة يؤكد عليها الباحثون عند استعراضهم لذكر الشيعة وعقائدهم : ألا وهي التأكيد على إدخال آراء أريد لها أن تكون خيوطا تصل بين التشيع واليهودية ، أو النصرانية ، أو الزندقة ، ومحاولة إيصال التشيع لعرقيات معينة ، وهي محاولة لا تخفى على أعين النقاد بأنها غير موضوعية ، إن هذه المحاولة تريد تصوير التشيع بأنه تطور لا كما تتطور العقائد والمذاهب الأخرى ، وفي التوسع وقبول الإضافات السليمة نتيجة تبرعم بعض الآراء وإنما هو تطور غير سليم وغير نظيف أفسد مضمون التشيع .

    ( 1 ) دائرة المعارف ج 5 ص 424 . ( * )


    - ص 14 -


    وسأستعرض بعض هذه الأقوال لتكون مجرد مؤشر على هذا الإتجاه وسأعقب عليها بما أراه :

    تطور التشيع

    1 - رسم الدكتور عبد العزيز الدوري هذا التطور عن طريق تقسيمه للتشيع إلى روحي بدأ أيام النبي عليه الصلاة والسلام وسياسي حدث بعد مقتل الإمام علي ، وقد استدل لذلك بأن التشيع بمعناه البسيط دون باقي خواصه الاصطلاحية قد استعمل في صحيفة التحكيم التي نصت على شيعة لعلي وشيعة لمعاوية مما يعطي معنى المشايعة والمناصرة فقط دون باقي الصفات والأبعاد السياسية التي حدثت بعد ذلك ( 1 ) .

    2 - محمد فريد وجدي في دائرة المعارف قال : " الشيعة هم الذين شايعوا عليا في إمامته واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده ويقولون بعصمة الأئمة من الصغائر والكبائر والقول بالتولي والتبري قولا وفعلا إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم وهم خمس فرق : " كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية " وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه " ( 2 ) .

    إن هذه المقتطفة من فريد وجدي سبق أن ذكرت قسما منها في التعريف بالتشيع ، وذكرت هنا المقتطفة بكاملها ليتضح منها أن مضمونها يغطي التشيع منذ أيامه الأولى حتى الآن لأن من الواضح أن هذه المضامين لم تولد دفعة واحدة وإنما دخلت لمضمون التشيع تدريجا ، وقد خلط فريد وجدي فيها بين السمات والمقومات وجعل من ليس من الشيعة منهم ونسب لهم ما هم منه براء ولا أريد أن أتعجل الرد عليه فستمر علينا أمثال هذه النسب والرد عليها في مكانها من الكتاب .

    ( 1 ) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 72 .
    ( 2 ) دائرة معارف فريد وجدي ج 5 ص 424 . ( * )

    - ص 15 -


    3 - الدكتور كامل مصطفى في كتابه الصلة قال : " ويتضح بعد ذلك أن التشيع قد عاصر بدء الإسلام باعتباره جوهرا له ، وأنه ظهر كحركة سياسية بعد أن نازع معاوية عليا على الإمارة وتدبير شؤون المسلمين ويتبين بعد ذلك أن تبلور الحركة السياسية تحت اسم الشيعة كان بعد قتل الحسين عليه السلام مباشرة وإن كانت الحركة سبقت الاصطلاح وبذلك يمكننا أن نلخص هذا الفصل في كلمة بيانها أن التشيع كان تكتلا إسلاميا ظهرت نزعته أيام النبي وتبلور اتجاهه السياسي بعد قتل عثمان واستقل الاصطلاح الدال عليه بعد قتل الحسين ( 1 ) .
    وواضح من هذا النص أن التشيع مر بأدوار تطور فيها كما يقول كامل :

    4 - الدكتور أحمد أمين قال : " إن التشيع بدأ بمعنى ساذج وهو أن عليا أولى من غيره من وجهتين : كفايته الشخصية وقرابته للنبي ، ولكن هذا التشيع أخذ صيغة جديدة بدخول العناصر الأخرى في الإسلام من يهودية ونصرانية ومجوسية ، وحيث أن أكبر عنصر دخل في الإسلام الفرس فلهم أكبر الأثر بالتشيع " ( 2 ) ، وواضح هنا مما ذكره أحمد أمين أن التشيع تطور لا بشئ من داخله وإنما بإضافات واسباغ من عناصر أخرى دخلت الإسلام واختارت التشيع فنقلت ما عندها من أفكار وعقائد إليه حتى أصبحت جزءا منه وإن الفرس بالذات تركوا بصماتهم على المذهب أكثر من غيرهم كما يريد أحمد أمين أن يصوره ، وهو زعم أخذه أحمد أمين من غيره وغيره أخذه من غيره وهكذا حتى أوشك أن يصبح من الأمور المتسالم عليها عند الباحثين وقريبا سأوقفك على زيف هذه الدعوى والهدف من الإصرار على ربط التشيع بالفارسية شكلا ومضمونا .

    5 - الدكتور أحمد محمود صبحي قال :

    ( 1 ) الصلة بين التصوف والتشيع ص 23 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 276 . ( * )

    - ص 16 -

    متى بدأ التشيع

    فيما مضى في فصل التمهيد انتهينا إلى أن التشيع في بداياته ونهاياته واحد وأن التطور المفترض فيه ما هو إلا تبرعم أفكار مستنبطة من الأصول حدثت عند الممارسة ، وعناوين هي ثمرة لتفاعل بين أفكار ولمقارعة حجج بعضها ببعض مما يوجد عادة في التاريخ الثقافي لكل نحلة من النحل .

    والآن لا بد من الرجوع إلى بداية التشيع وبذرته التاريخية واستظهار ما إذا كانت سنخيتها تتحد مع الفكر الإسلامي أم لا .
    ثم ما هو حجمها أي البنية الشيعية يوم ولادتها .
    وما هي أرضية تكوينها .
    وهل هي عملية عاطفية أم عملية عقلائية انتهى إليها معتنقوها بمعاناة وتقييم واعيين .

    ولما كانت هذه الأمور مما اختلف فيه تبعا لاستنتاج الباحثين ومزاجهم ومسبقاتهم وما ترجح لديهم بمرجح من المرجحات فلا بد من تقديم نماذج من آراء الباحثين في هذه المواضيع تكون المادة الخام ثم يبقى على القارئ أن يستشف الحقيقة من وراء ذلك ويكون له رأيا يجتهد في أن يكون موضوعيا .

    إن المؤرخين والباحثين عندما يحددون فترة نشوء التشيع يتوزعون على مدى يبتدئ من أيام النبي ونهاياته بعد مقتل الحسين عليه السلام .

    وسأستعرض لك نماذج من آرائهم في ذلك وأترك ما أذهب إليه إلى آخر الفصل .
    أ - رأي يرى أنهم تكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام .
    وممن يذهب لهذا :

    - ص 24 -


    أولا : ابن خلدون : فقد قال : إن الشيعة ظهرت لما توفي الرسول وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ولما كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك ( 1 ) الخ .

    ثانيا : الدكتور أحمد أمين فقد قال : . وكانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه ( 2 ) " .

    ثالثا : الدكتور حسن إبراهيم فقد قال : ولا غرو فقد اختلف المسلمون أثر وفاة النبي ( ص ) فيمن يولونه الخلافة وانتهى الأمر بتولية أبي بكر وأدى ذلك إلى انقسام الأمة العربية إلى فريقين جماعية وشيعية ( 3 ).

    رابعا : اليعقوبي قال : ويعد جماعة من المتخلفين عن بيعة أبي بكر هم النواة الأولى للتشيع ومن أشهرهم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود والعباس بن عبد المطلب ( 4 ) .

    وتعقيبا على ذكر المتخلفين عن بيعة الخليفة أبي بكر قال الدكتور أحمد محمود صبحي : إن بواعث هؤلاء مختلفة في التخلف فلا يستدل منها على أنهم كلهم من الشيعة : وقد يكون ما قاله صحيحا غير أن المتخلفين الذين ذكرهم المؤرخون أكدت كتب التراجم على أنهم شيعة وستأتي الإشارة لذلك في محلها من الكتاب ( 5 ) .

    خامسا : المستشرق جولد تسيهر قال : إن التشيع نشأ بعد وفاة النبي ( ص ) وبالضبط بعد حادثة السقيفة ( 6 ) .

    ( 1 ) تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 364 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 266 .
    ( 3 ) تاريخ الإسلام ج 1 ص 371 .
    ( 4 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 104 . ( 5 ) نظرية الإمامة ص 33 .
    ( 6 ) العقيدة والشريعة ص 174 . ( * )

    - ص 25 -


    ب - : الرأي الذي يذهب إلى أن التشيع نشأ أيام عثمان ومن الذاهبين لذلك : جماعة من المؤرخين والباحثين منهم : ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في كتابه ( 1 ) وقد استند إلى مبررات شرحها .

    ج‍ - : الرأي الذي يذهب إلى تكون الشيعة أيام خلافة الإمام علي ( ع ) ، ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة ( 2 ) .
    وابن النديم في الفهرست حيث حدده بفترة واقعة البصرة وما سبقها من مقدمات كان لها الأثر المباشر في تبلور فرقة الشيعة وتكوينها ( 3 ) .

    د - : الرأي الذي يذهب إني أن ظهور التشيع كان بعد واقعة الطف على اختلاف في الكيفية بين الذاهبين لهذا الرأي حيث يرى بعضهم أن بوادر التشيع التي سبقت واقعة الطف لم تصل إلى حد تكوين مذهب متميز له طابعه وخواصه وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف بينما يذهب ( 4 ) آخرون إلى أن وجود المذهب قبل واقعة الطف كان لا يعدو النزعة الروحية ولكن بعد واقعة الطف أخذ طابعا سياسيا وعمق جذوره في النفوس وتحددت أبعاده إلى كثير من المضامين ، وكثير من المستشرقين يذهبون لهذا الرأي وأغلب المحدثين من الكتاب .

    يقول الدكتور كامل مصطفى إن استقلال الاصطلاح الدال على التشيع إنما كان بعد مقتل الحسين ( ع ) حيث أصبح التشيع كيانا مميزا له طابعه الخاص .

    في حين يذهب الدكتور عبد العزيز الدوري إلى أن التشيع تميز سياسيا ابتداء من مقتل أمير المؤمنين علي ( ع ) ويتضمن ذلك فترة قتل الحسين ( ع ) حيث يعتبرها امتدادا للفترة السابقة ( 5 ) .
    وإلى هذا الرأي يذهب بروكلمان في تاريخ الشعوب الإسلامية حيث

    ( 1 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 105 .
    ( 2 ) فرق الشيعة ص 16 .
    ( 3 ) الفهرست لابن النديم ص 175 .
    ( 4 ) الصلة بين التصوف والتشيع ص 23 .
    ( 5 ) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 72 . ( * )

    - ص 26 -


    يقول : والحق أن ميتة الشهداء الذي ماتها الحسين ولم يكن لها أي أثر سياسي هذا على زعمه - قد عملت في التطور الديني للشيعة حزب علي الذي أصبح بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب - وهو زعم باطل - واليوم لا يزال ضريح الحسين ( ع ) في كربلاء أقدس محجة عند الشيعة وبخاصة الفرس الذين ما فتئوا يعتبرون الثواء الأخير في جواره غاية ما يطمعون فيه ( 1 ) .

    إن رأي بروكلمان بالإضافة لما فيه من دس يخالف ما عليه معظم من ربط ظهور التشيع بمقتل الحسين حيث يذهبون إلى أن التميز السياسي للمذهب ولدته واقعة الطف ، بينما يرى بروكلمان أن لا أثر سياسي للواقعة فهو من قبيل إنكار البدهيات وإنما يقصر أثر الواقعة على تعميق المذهب دينيا فقط .

    وقد شايع بروكلمان في هذا الرأي جماعة آخرون ذكرهم يحيى فرغل مفصلا في كتابه ( 2 ) إن هذه الآراء الأربعة في نشأة التشيع لا تصمد أمام المناقشة ولا أريد أن أتعجل الرد عليها فسأذكر الرأي الخامس ومنه يتضح تماما أن هذه الآراء تستند إلى أحداث أو مض فيها التشيع نتيجة احتكاكه بمؤثر من المؤثرات في تلك الفترة التي أرخت بها تلك الآراء ظهور التشيع فظنوه ولد آنذاك بينما هو موجود بكيانه الكامل منذ الصدر الأول . وقد آن الأوان لأعرض لك رأي جمهور الشيعة وخاصة المحققين منهم .

    هـ - رأي الشيعة وغيرهم من المحققين من المذاهب الأخرى . حيث ذهب هؤلاء إلى أن التشيع ولد أيام النبي ( ص ) وأن النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس عن طريق الأحاديث التي وردت على لسان النبي ( ص ) وكشفت عما لعلي ( ع ) من مكانة في مواقع متعددة رواها إضافة إلى الشيعة ثقاة أهل السنة ومنها : ما رواه السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآيتين السادسة والسابعة من سورة النبي بسنده عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي ( ص ) فأقبل علي ( ع )

    ( 1 ) تاريخ الشعوب الإسلامية ص 128 .
    ( 2 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 106 . ( * )

    - ص 27 -


    فقال النبي ( ص ) : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة : فنزل قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) * .

    وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لما نزل قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) * قال النبي ( ص ) لعلي ( ع ) هم أنت وشيعتك .

    وأخرج ابن مردويه عن علي ( ع ) قال : قال لي رسول الله ( ص ) : ألم تسمع قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * إلخ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ( 1 ) ومن هنا ذهب أبو حاتم الرازي إلى أن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة وكان هذا لقب أربعة من الصحابة أبو ذر وعمار ومقداد وسلمان الفارسي وبعد صفين اشتهر موالي علي بهذا اللقب ( 2 ) .

    إن هذه الأحاديث التي مرت والتي أخرجها كل من ابن عساكر وابن عدي وابن مردويه يعقب عليها أحمد محمود صبحي في كتابه نظرية الإمامة فيقول : ولا تفيد الأحاديث الواردة على لسان النبي ( ص ) في حق علي ( ع ) أن لعلي شيعة في زمان النبي فقد تنبأ النبي بظهور بعض الفرق كإشارته إلى الخوارج والمارقين كما ينسب إليه أنه قال لعلي إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
    ولا يدل ذلك على وجود جماعة مستقلة لها عقائد متمايزة أو تصورات خاصة ( 3 ) وأنا ألفت نظر الدكتور أحمد محمود إلى أن الشيعة لا يستدلون على ظهور التشيع أيام النبي ( ص ) بما ورد على لسانه من أحاديث ، فالمسألة كما يسميها الأصوليون على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية ، أي لا يلزم وجودهم بالفعل كما استظهر الدكتور وإنما هي صفات ذكرها النبي ( ص ) للشيعة متى وجدوا وأينما وجدوا ، أما الاستدلال على ظهور الشيعة أيام النبي فمن روايات وقرائن كثيرة يوردونها في هذا المقام ، أورد قسما منها الدكتور عبد العزيز الدوري واستعرض مصادرها ( 4 ) مع ملاحظة أنه قيد

    ( 1 ) الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 376 .
    ( 2 ) روضان الجنات للخونساري ص 88 .
    ( 3 ) نظرية الإمامة ص 31 .
    ( 4 ) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 72 . ( * )

    - ص 28 -


    التشيع بأنه تشيع روحي كما نص على قسم من أدلتهم على ذلك يحيى هاشم فرغل في كتابه ( 1 ) .
    إن بعض هذه الآراء يرجع بالبداية الزمنية في ظهور الشيعة إلى وقت مبكر في حياة النبي ( ص ) حيث التأمت جماعة من الصحابة تفضل عليا ( ع ) على غيره من الصحابة وتتخذه رئيسا ومن هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وبنو هاشم الخ ( 2 ) .

    ولهذا ذهب الباحثون إلى تخطئة من يؤرخ للتشيع وظهوره بعصور متأخرة مع أن الأدلة التاريخية متوفرة على وجودهم أيام الرسول صلوات الله عليه وآله : يقول محمد عبد الله عنان في كتابه تاريخ الجمعيات السرية عند تعليقه على الحادثة التي روتها كتب السيرة ( 3 ) حين جمع النبي عشيرته عند نزول قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * 214 / الشعراء ، ودعاهم إلى اتباعه فلم يجبه إلا علي بن أبي طالب فأخذ النبي برقبته وقال : هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا الخ .

    علق محمد عبد الله بقوله : من الخطأ أن يقال : إن الشيعة إنما ظهروا لأول مرة عند انشقاق الخوارج بل كان بدء الشيعة وظهورهم في عصر الرسول حين أمر بإنذار عشيرته بهذه الآية .

    ( 1 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 105 .
    ( 2 ) المصدر السابق ص 106 .
    ( 3 ) حياة محمد لهيكل ط مصر الطبعة المؤرخة 1354 ص 104 . ( * )

    الأدلة على تكون التشيع أيام النبي

    1 - النصوص التاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي ( ص ) وقد مرت الإشارة لذلك ، ولهذا يقول الحسن بن موسى النوبختي عند تحديده للشيعة : فالشيعة فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي - ثم عدد جماعة منهم وقال : - وهم أول من سمي باسم التشيع لأن اسم التشيع كان قديما لشيعة إبراهيم ( 1 ) .

    2 - ما عليه جمهور الباحثين والمؤرخين الذين ذهبوا إلى أن التشيع ظهر يوم السقيفة فإن ذلك ينهض دليلا على وجوده أيام النبي ( ص ) لأنه من غير المعقول أن يتبلور التشيع بأسبوع واحد - أي المدة بين وجود الرسول ووفاته بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه فإن مثل هذه الآراء تحتاج في تكوينها وتبلورها إلى وقت ليس بالقليل وكل من له إلمام بحوادث السقيفة وموقف الممتنعين عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع يجزم بأن تلك المواقف لم تتكون بوقت قصير وبسرعة كهذه السرعة وذلك لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل في طرح نظريات معينة .

    3 - إن من غير المعقول أن ترد على لسان النبي ( ص ) أحاديث في تفضيل

    ( 1 ) الفرق والمقالات للنوبختي باب تعريف الشيعة . ( * )


    - ص 30 -


    الإمام علي ( ع ) والإشارة إلى مؤهلاته ثم يقف المسلمون من ذلك موقف غير المبالي وهم من هم في إيمانهم وطاعتهم للرسول ( ع ) ولا سيما والمواقف في ذلك قد تعددت وسأذكر لك منها .

    أ - الموقف الأول : عندما نزل قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * 214 / من سورة الشعراء قال المؤرخون : إن النبي ( ص ) دعا عليا ( ع ) وأمره أن يصنع طعاما ويدعو آل عبد المطلب وعددهم يومئذ أربعون رجلا وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبي ( ص ) وقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القول عنها جميعا - يقول علي - وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ( 1 ) .

    ب - الموقف الثاني : يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله ( ص ) : دخلت على النبي وهو يوحى إليه فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها وسمعته يقول : الحمد لله الذي أكمل لعلي منته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه . . وبعد أن قرأ قوله تعالى : * ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) 55 / المائدة .

    وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في علي ( ع ) ومنهم السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب والبيضاوي في

    ( 1 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 216 ، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 28 . ( * )


    - ص 31 -


    تفسير والزمخشري في الكشاف والثعلبي في تفسيره والطبرسي في مجمع البيان وغيرهم من أعلام المفسرين والمحدثين .

    ومن الغريب أن يقف الآلوسي في تفسيره روح المعاني موقفا يمثل الإسفاف والركة في دفع هذه الآية عن علي ( ع ) ويريك كيف يهبط التعصب بالإنسان إلى درك مقيت وإلى تهافت غير معهود .

    وإن المرء ليستغرب من هذا الرجل فإن له مواقف متناقضة من علي ( ع ) فتارة يعطيه حقه وأخرى يقف منه موقفا متشنجا وبوسع كل من قرأ الآلوسي في مؤلفاته أن يرى هذه الظاهرة .

    ج‍ - الموقف الثالث : موقف النبي ( ص ) يوم غدير خم وذلك عند نزول الآية : * ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) * 69 / المائدة . وعندها أوقف النبي ( ص ) الركب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب عليه خطبته المعروفة ثم أخذ بيد علي وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فكررها ثلاثا ثم قال : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقيه الخليفة الثاني فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .

    وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنها نزلت في علي ( ع ) ثم عقب بعد ذلك بقوله : وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي - يريد الباقر - ( 1 ) إن حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابيا ونص على أن طرقه صحيحة وبعضها حسن ( 2 ) .

    وأورده ابن حمزة الحنفي مخرجا له عن أبي الطفيل عامر بن واثلة بهذه

    ( 1 ) تفسير الرازي ج 3 ص 431 .
    ( 2 ) الصواعق المحرقة الباب الثاني من الفصل التاسع ( * ) .

    - ص 32 -


    الصورة . قال : إن أسامة بن زيد قال لعلي : لست مولاي إنما مولاي رسول الله ( ص ) فقال النبي ( ص ) : كأني قد دعيت فأجبت إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 1 ) .

    وقد ألف في موضوع الغدير من السنة والشيعة ست وعشرون مؤلفا ( 2 ) ولا أريد التحدث بصراحة حديث الغدير في أولوية الإمام علي ( ع ) وتقديمه على كافة الصحابة فإن الأمر قد أشبع من قبل الباحثين ولكني أريد أن أسائل الدكتور أحمد شلبي الذي يقول إن حديث الغدير لم يرد له ذكر إلا في كتب الشيعة ، فأقول له هل هناك شئ من الشعور بالمسؤولية عندك وعند أمثالك ممن يرمون الكلام على عواهنه فأنت تحمل أمانة للأجيال فمن الأمانة هذا القول إن كتب أهل نحلتك وحفاظ قومك أوردت الحديث بمصادره الموثوقة فإذا كنت لا تقرأ أو تقرأ ولا تريد أن تعرف فاسكت يرحمك الله فهو خير لك من التعرض أما لنسبة الجهل أو العصبية ، ولا يقل عن الدكتور شلبي من يذهب إلى أن لفظ المولى هنا إنما يراد منه ابن العم فهو أحد معاني هذه اللفظة المشتركة ولا رد لي على هذا إلا أن أقول : اللهم ارحم عقولنا من المسخ .

    إن هذه مجرد أمثلة من مواقف النبي ( ص ) في التنويه بفضل علي ( ع ) ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها دون أن تشد الناس لعلي ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، الذي يشركه القرآن بالولاية العامة مع الله تعالى ورسوله ( ص ) ثم لا بد للمسلمين من إطاعة هذه الأوامر التي وردت بالنصوص والالتفات حول من وردت فيه ذلك هو معنى التشيع الذي نقول : إن النبي ( ص ) هو الذي بذر بذرته وقد أينعت في حياته وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفات حوله وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم وولائهم للإمام علي عليه السلام .

    ( 1 ) البيان والتعريف ج 2 ص 136 .
    ( 2 ) أعيان الشيعة ج 3 باب الغدير . ( * )

    رواد التشيع الأوائل

    جندب بن جنادة ، أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر ، سلمان الفارسي ، المقداد بن عمر بن ثعلبة الكندي ، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي ، خزيمة ابن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين ، الخباب بن الأرت الخزاعي أحد المعذبين في الله ، سعد بن مالك أبو سعيد الخدري ، أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري ، قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري ، أنس بن الحرث بن منبه أحد شهداء كربلاء ، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي استضافه النبي ( ص ) عند دخوله للمدينة ، جابر بن عبد الله الأنصاري أحد أصحاب بيعة العقبة ، هاشم بن أبي وقاص المرقال فاتح جلولاء ، محمد بن الخليفة أبي بكر تلميذ علي وربيبه ، مالك بن الحرث الأشتر النخعي ، مالك بن نويرة ردف الملوك الذي قتله خالد بن الوليد ، البراء ابن عازب الأنصاري ، أبي بن كعب سيد القراء ، عبادة بن الصامت الأنصاري ، عبد الله بن مسعود صاحب وضوء النبي ( ص ) ومن سادات القراء ، أبو الأسود الدؤلي ، ظالم بن عمير واضع أسس النحو بأمر الإمام علي ، خالد بن سعيد بن أبي عامر بن أمية بن عبد شمس خامس من أسلم ، أسيد بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، الأسود بن عيسى بن وهب من أهل بدر ، بشير ابن مسعود الأنصاري من أهل بدر ومن القتلى بواقعة الحرة بالمدينة ، ثابت أبو فضالة الأنصاري من أهل بدر ، الحارث بن النعمان بن أمية الأنصاري من أهل بدر ، رافع بن خديج الأنصاري ممن شهد أحدا ولم يبلغ وأجازه النبي ( ص ) ،

    - ص 34 -


    كعب بن عمير بن عبادة الأنصاري من أهل بدر ، سماك بن خرشة أبو دجانة الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن عمرو الأنصاري من أهل بدر ، عتيك بن التيهان من أهل بدر ، ثابت بن عبيد الأنصاري من أهل بدر ، ثابت بن حطيم ابن عدي الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن حنيف الأنصاري من أهل بدر ، أبو مسعود عقبة بن عمر من أهل بدر ، أبو رافع مولى رسول الله ( ص ) الذي شهد مشاهده كلها مع مشاهد علي ( ع ) وممن بايع البيعتين العقبة والرضوان وهاجر الهجرتين للحبشة مع جعفر وللمدينة مع المسلمين ، أبو بردة بن دينار الأنصاري من أهل بدر ، أبو عمر الأنصاري من أهل بدر ، أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري من أهل بدر ، عقبة بن عمر بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، قرظة بن كعب الأنصاري ، بشير بن عبد المنذر الأنصاري أحد النقباء ببيعة العقبة ، يزيد بن نويرة بن الحارث الأنصاري ممن شهد له النبي ( ص ) بالجنة ، ثابت بن عبد الله الأنصاري ، جبلة بن ثعلبة الأنصاري ، جبلة بن عمير بن أوس الأنصاري ، حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، زيد بن أرقم الأنصاري شهد مع النبي ( ص ) سبعة عشر وقعة ، أعين بن ضبيعة بن ناجية التميمي ، الأصبغ بن نباتة ، يزيد الأسلمي من أهل بيعة الرضوان ، تميم بن خزام ، ثابت ابن دينار أبو حمزة الثمالي صاحب الدعاء المعروف ، جندب بن زهير الأزدي ، جعدة بن هبيرة المخزومي ، حارثة بن قدامة التميمي ، جبير بن الجناب الأنصاري ، حبيب بن مظاهر الأسدي ، حكيم بن جبلة العبدي الليثي ، خالد ابن أبي دجانة الأنصاري ، خالد بن الوليد الأنصاري ، زيد بن صوحان الليثي ، الحجاج بن غاربة الأنصاري ، زيد بن شرحبيل الأنصاري ، زيد بن جبلة التميمي ، بديل بن ورقاء الخزاعي ، أبو عثمان الأنصاري ، مسعود بن مالك الأسدي ، ثعلبة أبو عمرة الأنصاري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، عبد الله بن حزام الأنصاري شهيد أحد ، سعد بن منصور الثقفي ، سعد بن الحارث ابن الصمد الأنصاري ، الحارث بن عمر الأنصاري ، سليمان بن صرد الخزاعي ، شرحبيل بن مرة الهمداني ، شبيب بن رت النميري ، سهل بن عمر

    - ص 35 -


    صاحب المربد ، سهيل بن عمر أخو سهل المار ذكره ، عبد الرحمن الخزاعي ، عبد الله بن خراش ، عبد الله بن سهيل الأنصاري ، عبيد الله بن العازر ، عدي ابن حاتم الطائي ، عروة بن مالك الأسلمي ، عقبة بن عامر السلمي ، عمر بن هلال الأنصاري ، عمر بن أنس بن عون الأنصاري من أهل بدر ، هند بن أبي هالة الأسدي ، وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة ، هاني بن عروة المذحجي ، هبيرة بن النعمان الجعفي ، يزيد بن قيس بن عبد الله ، يزيد بن حوريت الأنصاري ، يعلى بن عمير النهدي ، أنس بن مدرك الخثعمي ، عمرو العبدي الليثي ، عميرة الليثي ، عليم بن سلمة التميمي ، عمير بن حارث السلمي ، علباء بن الهيثم بن جرير وأبوه الهيثم من قواد الحملة في قتال الفرس بواقعة ذي قار ، عون بن عبد الله الأزدي ، علاء بن عمر الأنصاري ، نهشل بن ضمرة الحنظلي ، المهاجر بن خالد المخزومي ، مخنف بن سليم العبدي الليثي ، محمد بن عمير التميمي ، حازم بن أبي حازم النجلي ، عبيد بن التيهان الأنصاري ، وهو أول المبايعين للنبي ليلة العقبة ، أبو فضالة الأنصاري ، أويس القرني الأنصاري ، زياد بن النضر الحارثي ، عوض بن علاط السلمي معاذ بن عفراء الأنصاري ، عبد الله بن سليم العبدي الليثي ، علاء بن عروة الأزدي ، القاسم بن سليم العبدي الليثي ، عبد الله بن رقية العبدي الليثي ، منقذ بن النعمان العبدي الليثي ، الحارث بن حسان الذهلي صاحب راية بكر بن وائل ، بجير بن دلجة ، يزيد بن حجية التميمي ، عامر بن قيس الطائي ، رافع الغطفاني الأشجعي ، سالم بن أبي الجعد ، عبيد بن أبي الجعد ، زياد بن أبي الجعد ، أبان ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس من أمراء السرايا أيام النبي ( ص ) ومن خلص أصحاب الإمام علي ( ع ) . حرملة بن المنذر الطائي أبو زبيد ، والمجموع مائة وثلاث وثلاثون .

    هذه شريحة أو نماذج من الرواد الأوائل في التشيع ذكرتهم بدون انتقاء أو اختيار وإنما مررت بكتب الرجال فذكرت منها هذه المجموعة وقد نصت على

    - ص 36 -


    تشيعهم المصادر التالية ( 1 ) .

    بعد ملاحظة هذه الشريحة من الطبقة الأولى من الشيعة تتضح لنا أمور هامة ، في موضوعنا أعرضها أمام القارئ الواعي الرائد للحق والموضوعية ، وإلا فما أكثر من يقرأ ولا يتجاوز مضمون السطور عينيه ، وقد يقرأ أحيانا ولا يريد أن يصدق ما يقرأ مع توفر شرائط الصحة فيما يقرأه ومع وجود الثقة النفسية بمضمون ما يقرأه ، ولكنه التكوين النفسي والذهني الذي ينشأ عليه الإنسان منذ الصغر فيكاد يكون غريزة من الغرائز التي يطبع عليها الإنسان .

    تعقيب على الرواد من الشيعة هذه الأمور التي ذكرت أني سأعرض لها تعقيبا على نوعية الرواد الأوائل هي : أولا : إن هؤلاء الشيعة الذين مر ذكرهم مع أنهم كانوا من الذاهبين إلى أولوية الإمام علي ( ع ) بالخلافة لأنه الإمام المفترض الطاعة المنصوص عليه ومع اعتقادهم بأن من تقدم عليه أخذ ما ليس له ومع امتناع كثير منهم من البيعة للخليفة الأول واعتصامهم ببيت الإمام علي ( ع ) مع كل ذلك لم يعرف عن أحد منهم أنه شتم فردا من الصحابة أو تناوله بطريقة غير مستساغة بل كانوا أكبر من ذلك وأصلب عودا من خصومهم - مما يدل على أن بعض من عرف بظاهرة شتم الصحابة إنما صدر منه ذلك كعملية رد فعل لأفعال متعددة وسنمر على ذلك قريبا - إنهم مع اختلافهم مع الحكم لم يلجأوا إلى شتم أو بذاء لأنهم يعرفون أن الحقوق لا يوصل إليها بالشتم وليس الشتم من شيم الأبطال ، والذي يريد أن يسجل ظلامة أو يشير إلى حق سليب فإن طرق ذلك ليس منها الشتم في شئ ،


    ( 1 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج7 ص 130 ، وأسد الغابة ج1 ص 35 ط أوفست حرف الألف ، وج1 ص 61 طبع دمشق ، وفجر الإسلام ص 267 ، والإستيعاب ج1 ص 280 ، ومدخل موسوعة العتبات المقدسة الفصل الخاص بالشيعة بقلم عبد الواحد الأنصاري . ( * )


    - ص 37 -


    وإنما هناك مناهج سليمة في الوصول لذلك ، وقد حرص أمير المؤمنين ( ع ) على تربية أتباعه على المنهج السليم ومن مواقفه في ذلك ما رواه نصر بن مزاحم قال : مر أمير المؤمنين ( ع ) على بعض من كان في جيشه بصفين فسمعهم يشتمون معاوية وأصحابه فقال لابن عدي ولعمر بن الحمق وغيرهما : كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرأون ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا ، وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم ، من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله منهم ، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي وخيرا لكم فقالوا : يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك ( 1 ) إن هذا الموقف منه ( ع ) ليشعرهم أن الشتم وسيلة نابية وليست كريمة ثم هي بعد ذلك تنفيس عن طاقة يمكن الاستفادة منها بادخارها وصرفها في عمل إيجابي يضاف لذلك أن الشتم مدعاة للإساءة لمقدسات الشاتم نفسه ومن هنا حرم الفقهاء شتم الصنم إذا أدى إلى شتم الله تعالى مستفيدين ذلك من قوله تعالى : * ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) * 108 / الأنعام .

    من أجل ذلك كله كان الشيعة أطهر ألسنة من أن يشتموا وأبعد عن هذا الموقف النابي ولذلك رأينا كثيرا من الباحثين يؤكدون هذا الجانب في حياة الرواد الأوائل من الشيعة مع أنهم يثبتون عقيدتهم بتقديم الإمام علي ( ع ) ومن هؤلاء :
    أ - الدكتور أحمد أمين : يقول عن هؤلاء إنهم قسم المقتصد الذي يرى بأن أبا بكر وعمر وعثمان ومن شايعهم أخطأوا إذ رضوا أن يكونوا خلفاء مع علمهم بفضل علي وإنه خير منهم ( 2 ) .


    ( 1 ) صفين لنصر بن مزاحم ص 115 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 268 . ( * )

    - ص 38 -


    ب - ابن خلدون يقول : كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف ( 1 ) .

    ج‍ - ابن حجر في الإستيعاب : يقول في ترجمة أبي الطفيل : عامر بن واثلة بن كنانة الليثي أبو الطفيل أدرك من حياة النبي ( ص ) ثمان سنين وكان مولده عام أحد ومات سنة مائة ويقال : إنه آخر من مات ممن رأى النبي ، وقد روى نحو أربعة أحاديث وكان محبا لعلي وكان من أصحابه في مشاهده وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين إلا أنه يقدم عليا إنتهى باختصار ( 2 ) .

    وبعد هذه المقتطفات أود أن ألفت النظر أني خلال مراجعاتي كتب التاريخ لم أر في الفترة التي تمتد من بعد وفاة النبي حتى نهاية خلافة الخلفاء من عمد إلى الشتم من أصحاب الإمام ، وإنما هناك من قيم الخلفاء وقيم الإمام وحتى في أشد جمحات عاطفة الولاء لم نجد من يشتم أحدا ممن تقدم الإمام بالخلافة يقول أبو الأسود الدؤلي :

    أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا
    يقول الأرذلون بنو قشير * طول الدهر ما تنسى عليا
    أحبهم لحب الله حتى * أجئ إذا بعثت على هويا
    بنو عم النبي وأقربوه * أحب الناس كلهم إليا
    فإن يك حبهم رشدا أصبه * ولست بمخطئ إن كان غيا ( 3 )


    ( 1 ) تاريخ ابن خلدون ج3 ص 364 .
    ( 2 ) الإستيعاب ج 2 ص 452 . ( 3 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج 7 .

    - ص 39 -


    يضاف لذلك أنه حتى في الفترة الثانية أي في عهود الأمويين كان معظم الشيعة يتورعون عن شتم أحد من الصحابة ، أو التابعين : يقول ابن خلكان في ترجمة يحيى بن يعمر : كان شيعيا من القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم ( 1 ) .

    ( 1 ) وفيات الأعيان ج 2 ص 269 . ( * )







    " - بعد ذكر الرواد من الشيعة - والتشيع بالنسبة للشيعة المتأخرين مثل الزهد في عصر الرسول والخلفاء الراشدين والفرق بينه وبين التصوف الذي شابته عناصر غنوصية وتأثر بتيارات فكرية متباينة كما عرف لدى محيي الدين ابن عربي والسهروردي مثلا " ( 1 ) .

    وبعد أن استعرضنا هذه الأمثلة من أقوال الكتاب التي فرقوا بها بين التشيع في الصدر الأول وما تلا ذلك من عصور أود أن أعقب على ذلك بما يلي :
    1 - أن كمية الأفكار والمعتقدات في المضمون الشيعي تتسع في الأزمنة المتأخرة عما كانت عليه في الصدر الأول دون شك في ذلك ولكن هذه الزيادة ليست أكثر من المضمون الأصلي للتشيع وإنما هي تفصيل وبيان لمجمله ، إنها ليست بإضافة أجزاء وإنما هي ظهور جزئيات انطبق عليها المفهوم الكلي للتشيع وقد ظهرت هذه الجزئيات بفعل تطور الزمن ، وكمثال لذلك : موضوع النصوص التي وردت على لسان النبي عليه الصلاة والسلام هل هي مجرد إشارة لفضل الإمام علي أم أنها على شكل يلزم المسلمين بالقول بإمامته وعلى نحو الوصية له بالخلافة وتبعا لذلك هل أن هذه الإمامة تقف عند حد المؤهلات أم أن الإمام يجب أن يكون النموذج المثالي فيكون أشجع الناس وأعلم الناس وأعدل الناس وهكذا تبرعم موضوع العصمة وغيره ، وكل هذه الأمور داخلة في صلب موضوع الإمامة وليست هي بأمور زائدة على الموضوع بل اشتقاقات أولدها التطور الفكري وزيادة أعداد وأنواع معتنقي المذهب .

    2 - إن مثل هذا التطور كمثل كل تطور حدث ، ومن ذلك تطور الإسلام بصفته مقسما للمذاهب ، فالمسلمون منذ وجدوا كان من عقيدتهم الاعتراف بالله عز وجل ووجوده وحدانيته واتصافه بصفات الكمال وتنزهه عن صفات النقص وكل ذلك على نحو الإجمال ، وعندما اتسعت مجالات التفكير وانفتح العالم الإسلامي على أمم وثقافات متنوعة ، تبرعمت أسئلة وجدت أفكار فرجع

    ( 1 ) نظرية الإمامة ص 35 . ( * )


    - ص 17 -


    المسلمون إلى ما آمنوا به إجمالا يبينون مجمله ويفصلون مختصره ، فنشأ من إيمانهم بأن الله خالق كل شئ : النزاع بإعطاء السبب الطبيعي صفة الخلق وذلك يؤدي إلى تعدد الخالق كما تصوروا ، أم أن ذلك لا يقدح بانفراد الله تعالى بصفة الخالق : إذ أن لله تعالى جهة تأثير ليست من مقدورات المخلوقين وكل ما للمخلوقين إنما هو من جهة أخرى ولا يقدح ذلك في كون الله تعالى أحسن الخالقين ، وتبرعمت عن هذه المسألة مسألة خلق أفعال العباد وربط ذلك كله بالجبر والاختيار وهكذا .

    ومثال آخر هو إيمان المسلمين منذ وجدوا بحجية ظواهر القرآن الكريم فنشأ من ذلك النزاع حول حجية ظواهر بعض الآيات لأن لازم ذلك نسبة من لا يصح إلى الله تعالى وذلك مثل قوله تعالى : " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) * 22 / سورة القيامة ، حيث ذهب أهل السنة إلى جواز رؤية الله تعالى يوم القيامة استنادا إلى ظاهر الآية ، بينما ذهب الإمامية إلى استحالة رؤيته تعالى لاستلزام الرؤية الجسمية وبالتالي التركيب فالحاجة فالحدوث وانتهاء كل ذلك إلى نفي الألوهية وقد أولوا النظر هنا بأنه انتظار الرحمة كما يقول شخص لآخر ينتظر منه الرحمة أنا أنظر إليك وإلى عطفك وذلك شائع في لغة العرب وحضارتهم والقرآن نزل بلغة العرب وسلك منهجهم في المحاورات ، هذا بالإضافة إلى أن الله تعالى نسب هنا النظر إلى الوجوه وهي ليست من أعضاء النظر من قبيل قوله تعالى : * ( مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) * 49 / يس .

    ومثال آخر أذكره للتدليل على اتساع المضمون الإسلامي عما كان عليه في الصدر الأول فقد آمن المسلمون منذ وجدوا بأن الله تعالى لا يفعل العبث وجاءت ظواهر الآيات تؤيد ذلك فقد جاء في قوله تعالى : * ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ) * 2 / سورة الملك ، وجاء بقوله : * ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) * 38 / الدخان ، فتنازع المسلمون بعد ذلك في أن أفعال الله تعالى هل هي معللة ولازم ذلك نسبة النقص إلى الله لأن كل فاعل للعلة إنما يحتاج لتلك العلة ، أم أن أفعاله تعالى غير معللة ولازم ذلك أن فعله

    - ص 18 -


    عبث تعالى الله عن ذلك ، فذهب أهل السنة إلى أن أفعاله غير معللة ، وذهب الإمامية إلى أنها معللة بدون حاجة منه تعالى للعلة وإنما يعود نفع العلة للعباد أنفسهم وبذلك يجمع بين الأمرين من كونه تعالى لا يفعل العبث ومن كونه غنيا عن الحاجة .

    ومع جميع ما ذكرناه لا يقال إن المسلمين تطورت عقائدهم وزاد مضمون الإسلام عما كان عليه في الصدر الأول وإنما الذي حدث أن المسلمين توسعوا في شرح الأمور المجملة عندما اضطروا لذلك نتيجة تفاعلهم مع ثقافات مختلفة وأفكار متنوعة فالمسلم في صدر الإسلام والمسلم في أيامنا مصدر تشريعه الكتاب والسنة ولكنه فيما مضى أخذهما مجملين والآن احتاج إلى التفصيل لوجود دواعي وجدت ولم تكن موجودة في الصدر الأول فإذا كان التطور المنسوب إلى التشيع على هذا النحو الذي حدث في الإسلام نفسه فهو واقع بهذا المعنى لا نزاع في ذلك ، أما إذا كان استحداث آراء جديدة وبعيدة عن روح الإسلام فلا لأن كل ما يأباه الإسلام يأباه التشيع بالضرورة إن التطور الذي حدث في الإسلام على الشكل الذي ذكرناه لم يشكل قدحا في عقائد فرق المسلمين ، وإذا كان ما حدث في التشيع من تطور مثل ما حدث في الإسلام ككل فما له هنا يشكل قدحا في العقيدة ويثير شكوكا لا مبرر لها ؟

    3 - ومع التنزل وافتراض دخول عضو إضافي على جسم التشيع كما يريد أن يثبته البعض اعتباطا وهو منفي فإن مثل هذا الفرض يأباه الفكر الشيعي إذا كان مما لا يلتقي مع كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والخطوط الإسلامية العامة ، إن مثل هذا الفرض هو رأي يرد إلى نحر قائله فكل ما هو ليس من الإسلام فهو ليس من التشيع في شئ بداهة أن التشيع من عطاء فكر أهل البيت وهم عدل الكتاب وهم مثل سفينة نوح فعلى هذا يكون ما ينسب إلى التشيع من هذا القبيل إنما هو خلط بين التشيع والشيعة وكثير ممن ينعت بأنه من الشيعة يرفضه الهيكل الشيعي فيما له من حدود وهوما سنمر عليه ونذكر أدلته ، والشأن في ذلك شأن التفكير السني الذي ينفي عنه بعض المنتسبين إليه ممن ثبت انحرافهم عن خطوط الإسلام ولا يقدح وجود أمثالهم عند أهل السنة ، ولا ينتزع من وجود

    - ص 19 -


    أمثال هؤلاء حكم عام يعمم على أهل السنة .

    وعلى أسوأ الفروض لو وجدت أفكار إضافية طارئة على جسم أي مذهب من المذاهب وزائدة على محتواه الأصلي كما هو الفرض ولكنها لا تشكل إنكار ضرورية من ضروريات الدين ولا ردة ولا انحرافا فإن أمثالها لا يبرر رمي من وجدت عنده بالمروق عن الدين والخروج عن الإسلام وربطهم باليهودية والنصرانية وأمثال ذلك من النسب التي لا يتفوه بها مسلم على أخيه وله ضمير وخلق مسلم يصدر في سلوكه عن تعاليم الإسلام .

    فمتى كان القول بالوصاية مثلا وأن لكل نبي وصيا وأن الأوصياء يجب كونهم معصومين حتى يتحقق الغرض من نصبهم قادة للأمة والاعتقاد بأن المهدي حي وأمثال ذلك من العقائد موجبا للخروج من الدين ومدعاة لشن حملات شعواء كانت وما تزال يجترها الخلف عن السلف دون أن يتبين ما هي مصادرها ودون أن يحللها ويناقشها ، إن صرف هذه الطاقات في ميادين التهريج أقل ما يوصف به أنه عمل غير مسؤول بالإضافة إلى إمكان توجيه هذه الطاقات إلى ميادين إيجابية في الخلق والإبداع وفي جمع الشمل ولم الشعث وتنظيف الأجواء الإسلامية من الحقد والكراهية التي لا يفيد منها إلا أعداء الإسلام ، إن الذين يقفون وراء نعرات التشويش والفرقة قوم بعيدون عن روح الإسلام وجوهره وليسوا ببعيدين عن الشبهات خصوصا وأن أمثال هذه المواضيع يجب أن تبقى محصورة في نطاق العلماء فقط وأن لا تنزل إلى مستوى الأوساط من الناس فضلا عن العامة وذلك لأن للعلماء مناعة تبعدهم عن النظرة المرتجلة والنعرة الجاهلية كما هو المفروض إن المفاعلات الطائفية في تصوري أخطر على الإنسانية من المفاعلات النووية ، وحسب تاريخ المسلمين خلافات كانت وما تزال غصة في فم كل مؤمن بالله تعالى وبدينه وكل داع لرسالات السماء التي من أول أهدافها تأصيل الروح الإنسانية في كل أنماط السلوك عند البشر .


    الشيعة غير الروافض

    من كل ما ذكرته يتضح أمر آخر وهو أن ما دأب عليه بعض الكتاب من رمي الشيعة بالرفض وتسميتهم بالروافض نشأ مؤخرا وبأسباب خاصة سنذكرها : إن هذا الزمن الذي نشأ فيه نعت الشيعة بالروافض هو في أيام الأمويين ، ولذلك جاءت النصوص تنعت الروافض بأنهم قسم من الشيعة لا الشيعة كما يريد البعض ومن تلك النصوص :
    1 - محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس قال : والروافض كل جند تركوا قائدهم والرافضة فرقة منهم ، والرافضة أيضا فرقة من الشيعة قال الأصمعي سموا بذلك لأنهم بايعوا زيد بن علي ثم قالوا له تبرأ من الشيخين فأبى وقال لا كانا وزيري جدي فتركوه ورفضوه وارفضوا عنه ( 1 ) .

    2 - إسماعيل بن حماد الجوهري قال في الصحاح : عند مادة رفض موردا نفس المضمون الذي ذكره الزبيدي فكأنه نسخة طبق الأصل ( 2 ) .

    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 34 .
    ( 2 ) صحاح الجوهري ج 3 ص 1078 تسلسل عام الكتاب . ( * )

    - ص 41 -


    3 - القاضي عياض : فرق القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك بين الشيعة والرافضة وذلك حينما قارن مذهب الإمام مالك بغيره فقال : فلم نر مذهبا من المذاهب غيره أسلم منه فإن فيهم الجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة والشيعة إلا مذهب مالك فإنا ما سمعنا أحدا من نقلة مذهبه قال بشئ من هذه البدع ( 1 ) .

    ومن الواضح من هذه الجملة أن الرافضة غير الشيعة لمكان التغاير الناتج من العطف .
    ومن هذا ومن غيره مما نقله أصحاب المقالات مما لا يخرج عن نفس المضمون يتضح أن اصطلاح الروافض مأخوذ بمعناه اللغوي في أنه لكل جند رفضوا قائدهم ، وتطبيقه على أصحاب زيد من باب تطبيق الكلي على أحد مصاديقه وإلى هنا فإن المسألة طبيعية .

    لكن الذي يلفت النظر أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه البراءة من الشيخين فإن ذلك محل تأمل طويل للأسباب التالية :
    1 - إن هؤلاء الذين طلبوا البراءة لو كانوا شيعة فلا بد أنهم حريصون على نصر زيد وكسب المعركة ضرورة أن مصيرهم مرتبط بمصير زيد فإذا هزم فمعنى ذلك القضاء عليهم قضاء تاما خصوصا وأن خصومهم الأمويون الذين يقتلون على الظنة والتهمة كل من يميل إلى آل أبي طالب ، فما الذي دفعهم إلى خلق هذه البلبلة التي أدت إلى انفضاض جند زيد عنه وبالتالي إلى خسارته للمعركة فموته شهيدا على أيدي الأمويين فلا بد أن يكون هؤلاء ليسوا من الشيعة وإنما هم جماعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على زيد واحتمال كسبه للمعركة .

    2 - وعلى فرض التنزل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخين فما معنى سحب هذا اللقب على كل شيعي يوالي أهل البيت حتى أصبح هذا الأمر من المسلمات فوجدنا الإمام الشافعي يقول في أبياته الشهيرة :

    ( 1 ) ترتيب المدارك ج 1 ص 51 . ( * )


    - ص 42 -


    يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
    سحرا إذا فاضل الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض
    أعلمتم أن التشيع مذهبي * إني أقول به ولست بناقض
    إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

    البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العروس في مادة رفض ( 1 )

    وباقيها في ترجمة الشافعي بمختلف الكتب . إن تعبير الإمام الشافعي : إن كان رفضا حب آل محمد يدل على أن هناك إرادة لسحب اللقب وهو رافضي على كل شيعي مبالغة في التشهير بهم وشحن المشاعر ضدهم مما سنلمح كثيرا من الأمثلة له ، ومما يؤيد على أنها تتمشى مع تخطيط شامل يستهدف محاصرة التشيع والتشهير به وبكل وسيلة سليمة كانت أم لا .

    3 - قد يقال إنه لا شك في وجود جماعة شتامين للصحابة فما هو السبب في كونهم من هذا الصنف في حين تدعون أن الشتم لا تقره الشيعة ولا أئمتهم وللجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى مجموعة من الأسباب تشكل فعلا عنيفا استوجب رد الفعل ومن هذه الأسباب ما يلي : أسباب الشتم
    أ - المطاردة والتنكيل المروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل وإبادة على الظنة والتهمة وفي أحسن الحالات الملاحقة لهم والمحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت المال وفرض الضرائب عليهم وعزلهم اجتماعيا وسياسيا وبوسع القارئ الرجوع إلى التاريخ الأموي في الكوفة وغيرها من المدن الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الحالة وما انتهى إليه ولاة الأمويين من قسوة ومن هبوط

    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 35 . ( * )


    - ص 43 -


    في الإنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الأموي والعباسي ( 1 ) .
    إن مثل هذا الاضطهاد يستلزم التنفيس عن الكبت فقد يكون هذا التنفيس في عمل إيجابي بشكل من الأشكال وأحيانا قد يكون سلبيا فيلجأ إلى هذا الشتم .
    ولسنا نبرر ذلك بحال من الأحوال لما سبق أن ذكرناه من أسباب

    ب - إن الذي أسس هذه الظاهرة هم الأمويون أنفسهم لأنهم شتموا الإمام عليا ( ع ) على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة واستمر هذا الوضع حتى أن محاولة الرجل الطيب عمر بن عبد العزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الأمويين وبالذات معاوية أنهم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل .
    ومما عمق هذه الظاهرة : هو الالتواء في معالجة هذه المشكلة من قبل أعلام السنة .

    وعلى سبيل المثال نجد ابن تيمية يؤلف كتابه الصارم المسلول في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول ، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم ولكنه مع ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون لا يقول بكفر الأمويين الذين قاموا بشتم الإمام ( ع ) وأهله .
    إن علي بن أبي طالب أخو رسول الله ( ص ) ومن ضحى بكل ذرة من كيانه في خدمة الإسلام والمسلمين فلماذا لا يكفر شاتمه ؟ وستسمع الجواب طبعا بأنه تاب وغفر الله له وانتهى الأمر .

    وإليك مثالا آخر : لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالا لا تصدر من كسرى وقيصر .

    وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن ، واستباح المدينة ثلاثة أيام وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي يأخذ الرضيع من ضرع أمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على

    ( 1 ) أنظر مروج الذهب للمسعودي ج3 ص 12 ص 50 ، وانظر تاريخ الطبري ج 6 ص 344 . ( * )


    - ص 44 -


    أساس أنهم عبيد له ، وأخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من الأشلاء .

    وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلا كل من تاريخ الخميس للديار بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين حتى ثلاث وستين من الهجرة .

    ومع ذلك كله تجد كثيرا من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأن الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين ( ع ) سيد شباب أهل الجنة فكأن النبي ( ص ) عندما قال : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ما كان يعلم بأنه يقاتل يزيد وحينما يقول النبي ( ص ) : " إن الحسين وأصحابه يدخلون الجنة بغير حساب " ( 1 ) لم يأخذ في حسابه أنهم خارجون على يزيد اللهم اهد قومنا ، وكأن ابن العربي المالكي أعرف بمصائر الأمور من النبي نفسه الذي يرسم للحسين مصيره ويأمره بتنفيذ ذلك ، أرأيت معي إلى أي مستوى من المهازل تصل الدنيا ؟

    وهذا الإمام الغزالي الذي سنقف قريبا معه وقفة قصيرة يقول وأمام عينيه عشرات من كتب السير والتاريخ التي تؤكد بالطرق الموثوقة بشاعة الأحداث التي تمت بأمر يزيد وبفعله المباشر لبعضها .
    يقول في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم : فإن قيل : هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين ، أو أمر به ، قلنا هذا لم يثبت أصلا فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت ، فضلا عن لعنه ، لأنه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق ، إلى أن قال : فإن قيل : أن يقال " قاتل الحسين لعنه الله ، أو الآمر بقتله لعنه الله " قلنا : الصواب أن يقال قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله ( 2 ) .

    ( 1 ) تهذيب التهذيب لابن حجر ج2 ص 347 .
    ( 2 ) إحياء العلوم ج2 ص 276 . ( * )

    - ص 45 -


    بربك أيها القارئ هل تملك أعصابك وأنت تسمع مثل هذا الكلام يصدر من مثل هذا الشخص ؟ .

    هل كل كتب السير والتاريخ عند المسلمين والتي نصت على صدور هذه الأحداث أمرا ومباشرة من يزيد كلها لا تثبت أفعال يزيد ولا تدينه ؟ ! وعنده أن يزيد وأمثاله من قتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء ممن يوفقون للتوبة ؟ ! إن كل وسائل الإثبات لا تثبت إدانة يزيد عند الغزالي ، ولكن يثبت عنده من طيف رآه أنه رأى الله تعالى واجتمع به ووضع يده بيده وحادثه وأفاض عليه من نوره ( 1 ) .

    يقول صاحب مفتاح السعادة : إن أبا بكر النساج ألحد الغزالي في قبره وخرج متغير اللون فسألوه عن ذلك فقال : رأيت يدا يمنى خرجت من تجاه القبلة وسمعت مناديا ينادي ضع يد محمد الغزالي في يد سيد المرسلين ( 2 ) إن أمثال هذه المواقف تثبت بوسائل إثبات من هذا النوع ولكن كتب التاريخ كلها لا تشكل وسيلة إثبات في إدانة يزيد ! . . .

    ويصل الأمر إلى رمي آل البيت بالشذوذ فضلا عن عدم ترتيب الأثر على شتمهم فيقول ابن خلدون في المقدمة : وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم وهي كلها أصول واهية .

    يقول ذلك ونصب عينيه أحاديث النبي ( ص ) في أهل بيته كما رواه ابن حجر بصواعقه ( 3 ) " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون " ونصب عينه أيضا ما قاله النبي ( ص ) كما رواه الحاكم في المستدرك : " ومن أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربي

    ( 1 ) أنظر الغدير للأميني ج 11 ص 161 .
    ( 2 ) المصدر السابق نفس الصفحات .
    ( 3 ) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 128 . ( * )

    - ص 46 -


    وهي جنة الخلد فليتول عليا وذريته من بعدي فإنهم لم يخرجوكم من هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة ( 1 ) " . ومع ذلك كله فأهل البيت شاذون مبتدعون في نظر الشعوبي ابن خلدون إني والله يعلم إذ أورد أمثال هذه المقاطع إنما أريد وضع اليد على الدملة التي أهلكنا التهابها عبر السنين .

    إن أمثال هذه المواقف إنما تعمق جذور الخلاف فيكون التنفيس عنها سلبيا أحيانا إن كتاب المسلمين مسؤولون عن شجب هذه المواقف التي رحل واضعوها وبقيت مصدر بلاء على المسلمين .

    وإن مما يبعث على الاستغراب أن يسكت علماء وكتاب المسلمين على أقوال ابن خلدون وأمثاله مع قيام الأدلة على أن آل محمد هم الامتداد المضموني لمحمد صلى الله عليه وآله .

    بالإضافة إلى ذلك كله إن السنن التي تروى عن طريق أهل البيت ( ع ) لا يعمل بها بينما يعمل ببدع واستحسانات وردت عن طريق غيرهم خذ مثلا مسألة الأذان الذي حذف منه فقرة حي على خير العمل مع ثبوتها وأنها جزء من الأذان بطرق مختلفة يقول صاحب مبادئ الفقه في هذا الموضوع ما يلي : كيفية الأذان هي : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .

    هذا هو الأذان الذي اتفق البصريون والكوفيون على كلماته ، وتبعهما الشاميون والمصريون ومذاهب الحجازيين والزيدية والمالكية إلى أن كلمة الله أكبر في أول الأذان مرتان لا أربع وعليه عمل أهل المدينة وأما " الصلاة خير من النوم " فليست من الأذان الشرعي : ففي تيسير الوصول عن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال : الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح .

    ولذلك قال أبو حنيفة : هذه الجملة تزاد بعد إكمال

    ( 1 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 148 . ( * )


    - ص 47 -


    الأذان لأنها ليست من السنة .

    أما " حي على خير العمل " فمذاهب العترة أنها بين حي على الفلاح وبين الله أكبر ، " دليلهم في ذلك من كتب السنة ما يلي : روى البيهقي في سننه أن علي ابن الحسين زين العابدين كان يقول إذا قال حي على الفلاح حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول .

    وأورد في شرح التجريد مثل هذه الرواية عن ابن أبي شيبة ثم قال : : وليس يجوز أن يحمل قوله " هو الأذان الأول " إلا على أنه أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزاد رواية أخرى عن ابن عمر : أنه ربما زاد في أذانه حي على خير العمل ، وأورد البيهقي هذه الرواية عن ابن عمر أيضا .

    ونقل ابن الوزير عن المحب الطبري الشافعي في كتابه إحكام الأحكام ما نصه : ذكر الحيعلة بحي على خير العمل عن صدقة بن يسار عن ابن أمامة سهل بن حنيف أنه كان إذا أذن قال : " حي على خير العمل " أخرجه سعيد بن منصور ، وروى ابن حزم في كتاب الإجماع عن ابن عمر : أنه كان يقول " حي على خير العمل " .

    وقال علاء الدين مغلطاي الحنفي في كتاب التلويح شرح الجامع الصحيح : ما لفظه : وأما حي على خير العمل فذكر ابن حزم أنه صح عن عبد الله بن عمرو وأبي أمامة سهل بن حنيف أنهما كانا يقولان في أذانهما " حي على خير العمل " وكان علي بن الحسين يفعله .

    وذكر سعد الدين التفتازاني في حاشيته على شرح العضدي على مختصر الأصول لابن الحاجب أن حي على خير العمل كان ثابتا على عهد رسول الله وأن عمر هو الذي أصر أن يكف الناس عن ذلك مخافة أن يثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا على الصلاة .

    وقال ابن حميد في توضيحه : وقد ذكر الروياني أن للشافعي قولا مشهورا بالقول به ، وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أن حي على خير العمل كان من ألفاظ الأذان .

    - ص 48 -


    قال الزركشي في البحر المحيط : ومنها ما الخلاف فيه موجود كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر عميد أهل المدينة يرى إفراد الأذان والقول فيه حي على خير العمل ( 1 ) وبعد كل ما ذكرناه وما ورد في هذا الفصل المدعوم بروايات صحيحة في طرق أهل السنة فلماذا يا ترى لا يعمل بما ورد عن آل محمد وبطريقهم من السنن الصحيحة مع أنهم محال رحمة الله وبيوتهم مهابط وحيه وصدورهم عيبة علم النبي ألا يبعث هذا على الدهشة ؟ في حين نرى من غيرهم أحكاما لا تلتقي بحال من الأحوال مع المدارك السليمة ومع ذلك يؤخذ بها وتعتبر مدركا من المدارك فعلى ماذا تحمل هذه الأمور إن لم تحمل والعياذ بالله على البعد عن آل محمد وهم عدل الكتاب بنص النبي عليه السلام .

    خذ مثلا : ما ذهب إليه بعض فقهاء السنة من أن الإنسان إذا ترك الصلاة عمدا لا يجب عليه قضاؤها أما إذا تركها نسيانا فيجب عليه قضاؤها ( 2 ) واعتقد أن ذلك يخرج على رأي من يقول إن الكافر لا يكلف بالفروع ، وحيث إن التارك عمدا يمكن أن يكون تركه لها لعدم الإيمان بها أساسا فهو كافر ومهما يكن فإن هذا من الفروع البعيدة . عن روح الأحكام الصحيحة .

    ( 1 ) نقلت هذا الفصل من كتاب مبادئ الفقه لمحمد سعيد العوفي ص 52 طبع دمشق الثالثة 1977
    ( 2 ) نيل الأوطار للشوكاني ط مصر 1952 ج 2 ص 27 . ( * )

     
  10. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف


    متى بدأ التشيع

    فيما مضى في فصل التمهيد انتهينا إلى أن التشيع في بداياته ونهاياته واحد وأن التطور المفترض فيه ما هو إلا تبرعم أفكار مستنبطة من الأصول حدثت عند الممارسة ، وعناوين هي ثمرة لتفاعل بين أفكار ولمقارعة حجج بعضها ببعض مما يوجد عادة في التاريخ الثقافي لكل نحلة من النحل .

    والآن لا بد من الرجوع إلى بداية التشيع وبذرته التاريخية واستظهار ما إذا كانت سنخيتها تتحد مع الفكر الإسلامي أم لا .
    ثم ما هو حجمها أي البنية الشيعية يوم ولادتها .
    وما هي أرضية تكوينها .
    وهل هي عملية عاطفية أم عملية عقلائية انتهى إليها معتنقوها بمعاناة وتقييم واعيين .

    ولما كانت هذه الأمور مما اختلف فيه تبعا لاستنتاج الباحثين ومزاجهم ومسبقاتهم وما ترجح لديهم بمرجح من المرجحات فلا بد من تقديم نماذج من آراء الباحثين في هذه المواضيع تكون المادة الخام ثم يبقى على القارئ أن يستشف الحقيقة من وراء ذلك ويكون له رأيا يجتهد في أن يكون موضوعيا .

    إن المؤرخين والباحثين عندما يحددون فترة نشوء التشيع يتوزعون على مدى يبتدئ من أيام النبي ونهاياته بعد مقتل الحسين عليه السلام .

    وسأستعرض لك نماذج من آرائهم في ذلك وأترك ما أذهب إليه إلى آخر الفصل .
    أ - رأي يرى أنهم تكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام .
    وممن يذهب لهذا :

    - ص 24 -


    أولا : ابن خلدون : فقد قال : إن الشيعة ظهرت لما توفي الرسول وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ولما كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك ( 1 ) الخ .

    ثانيا : الدكتور أحمد أمين فقد قال : . وكانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه ( 2 ) " .

    ثالثا : الدكتور حسن إبراهيم فقد قال : ولا غرو فقد اختلف المسلمون أثر وفاة النبي ( ص ) فيمن يولونه الخلافة وانتهى الأمر بتولية أبي بكر وأدى ذلك إلى انقسام الأمة العربية إلى فريقين جماعية وشيعية ( 3 ).

    رابعا : اليعقوبي قال : ويعد جماعة من المتخلفين عن بيعة أبي بكر هم النواة الأولى للتشيع ومن أشهرهم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود والعباس بن عبد المطلب ( 4 ) .

    وتعقيبا على ذكر المتخلفين عن بيعة الخليفة أبي بكر قال الدكتور أحمد محمود صبحي : إن بواعث هؤلاء مختلفة في التخلف فلا يستدل منها على أنهم كلهم من الشيعة : وقد يكون ما قاله صحيحا غير أن المتخلفين الذين ذكرهم المؤرخون أكدت كتب التراجم على أنهم شيعة وستأتي الإشارة لذلك في محلها من الكتاب ( 5 ) .

    خامسا : المستشرق جولد تسيهر قال : إن التشيع نشأ بعد وفاة النبي ( ص ) وبالضبط بعد حادثة السقيفة ( 6 ) .

    ( 1 ) تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 364 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 266 .
    ( 3 ) تاريخ الإسلام ج 1 ص 371 .
    ( 4 ) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 104 . ( 5 ) نظرية الإمامة ص 33 .
    ( 6 ) العقيدة والشريعة ص 174 . ( * )

    - ص 25 -


    ب - : الرأي الذي يذهب إلى أن التشيع نشأ أيام عثمان ومن الذاهبين لذلك : جماعة من المؤرخين والباحثين منهم : ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في كتابه ( 1 ) وقد استند إلى مبررات شرحها .

    ج‍ - : الرأي الذي يذهب إلى تكون الشيعة أيام خلافة الإمام علي ( ع ) ، ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة ( 2 ) .
    وابن النديم في الفهرست حيث حدده بفترة واقعة البصرة وما سبقها من مقدمات كان لها الأثر المباشر في تبلور فرقة الشيعة وتكوينها ( 3 ) .

    د - : الرأي الذي يذهب إني أن ظهور التشيع كان بعد واقعة الطف على اختلاف في الكيفية بين الذاهبين لهذا الرأي حيث يرى بعضهم أن بوادر التشيع التي سبقت واقعة الطف لم تصل إلى حد تكوين مذهب متميز له طابعه وخواصه وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف بينما يذهب ( 4 ) آخرون إلى أن وجود المذهب قبل واقعة الطف كان لا يعدو النزعة الروحية ولكن بعد واقعة الطف أخذ طابعا سياسيا وعمق جذوره في النفوس وتحددت أبعاده إلى كثير من المضامين ، وكثير من المستشرقين يذهبون لهذا الرأي وأغلب المحدثين من الكتاب .

    يقول الدكتور كامل مصطفى إن استقلال الاصطلاح الدال على التشيع إنما كان بعد مقتل الحسين ( ع ) حيث أصبح التشيع كيانا مميزا له طابعه الخاص .

    في حين يذهب الدكتور عبد العزيز الدوري إلى أن التشيع تميز سياسيا ابتداء من مقتل أمير المؤمنين علي ( ع ) ويتضمن ذلك فترة قتل الحسين ( ع ) حيث يعتبرها امتدادا للفترة السابقة ( 5 ) .
    وإلى هذا الرأي يذهب بروكلمان في تاريخ الشعوب الإسلامية حيث

    ( 1 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 105 .
    ( 2 ) فرق الشيعة ص 16 .
    ( 3 ) الفهرست لابن النديم ص 175 .
    ( 4 ) الصلة بين التصوف والتشيع ص 23 .
    ( 5 ) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 72 . ( * )

    - ص 26 -


    يقول : والحق أن ميتة الشهداء الذي ماتها الحسين ولم يكن لها أي أثر سياسي هذا على زعمه - قد عملت في التطور الديني للشيعة حزب علي الذي أصبح بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب - وهو زعم باطل - واليوم لا يزال ضريح الحسين ( ع ) في كربلاء أقدس محجة عند الشيعة وبخاصة الفرس الذين ما فتئوا يعتبرون الثواء الأخير في جواره غاية ما يطمعون فيه ( 1 ) .

    إن رأي بروكلمان بالإضافة لما فيه من دس يخالف ما عليه معظم من ربط ظهور التشيع بمقتل الحسين حيث يذهبون إلى أن التميز السياسي للمذهب ولدته واقعة الطف ، بينما يرى بروكلمان أن لا أثر سياسي للواقعة فهو من قبيل إنكار البدهيات وإنما يقصر أثر الواقعة على تعميق المذهب دينيا فقط .

    وقد شايع بروكلمان في هذا الرأي جماعة آخرون ذكرهم يحيى فرغل مفصلا في كتابه ( 2 ) إن هذه الآراء الأربعة في نشأة التشيع لا تصمد أمام المناقشة ولا أريد أن أتعجل الرد عليها فسأذكر الرأي الخامس ومنه يتضح تماما أن هذه الآراء تستند إلى أحداث أو مض فيها التشيع نتيجة احتكاكه بمؤثر من المؤثرات في تلك الفترة التي أرخت بها تلك الآراء ظهور التشيع فظنوه ولد آنذاك بينما هو موجود بكيانه الكامل منذ الصدر الأول . وقد آن الأوان لأعرض لك رأي جمهور الشيعة وخاصة المحققين منهم .

    هـ - رأي الشيعة وغيرهم من المحققين من المذاهب الأخرى . حيث ذهب هؤلاء إلى أن التشيع ولد أيام النبي ( ص ) وأن النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس عن طريق الأحاديث التي وردت على لسان النبي ( ص ) وكشفت عما لعلي ( ع ) من مكانة في مواقع متعددة رواها إضافة إلى الشيعة ثقاة أهل السنة ومنها : ما رواه السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآيتين السادسة والسابعة من سورة النبي بسنده عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي ( ص ) فأقبل علي ( ع )

    ( 1 ) تاريخ الشعوب الإسلامية ص 128 .
    ( 2 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 106 . ( * )

    - ص 27 -


    فقال النبي ( ص ) : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة : فنزل قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) * .

    وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لما نزل قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) * قال النبي ( ص ) لعلي ( ع ) هم أنت وشيعتك .

    وأخرج ابن مردويه عن علي ( ع ) قال : قال لي رسول الله ( ص ) : ألم تسمع قوله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) * إلخ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ( 1 ) ومن هنا ذهب أبو حاتم الرازي إلى أن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة وكان هذا لقب أربعة من الصحابة أبو ذر وعمار ومقداد وسلمان الفارسي وبعد صفين اشتهر موالي علي بهذا اللقب ( 2 ) .

    إن هذه الأحاديث التي مرت والتي أخرجها كل من ابن عساكر وابن عدي وابن مردويه يعقب عليها أحمد محمود صبحي في كتابه نظرية الإمامة فيقول : ولا تفيد الأحاديث الواردة على لسان النبي ( ص ) في حق علي ( ع ) أن لعلي شيعة في زمان النبي فقد تنبأ النبي بظهور بعض الفرق كإشارته إلى الخوارج والمارقين كما ينسب إليه أنه قال لعلي إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
    ولا يدل ذلك على وجود جماعة مستقلة لها عقائد متمايزة أو تصورات خاصة ( 3 ) وأنا ألفت نظر الدكتور أحمد محمود إلى أن الشيعة لا يستدلون على ظهور التشيع أيام النبي ( ص ) بما ورد على لسانه من أحاديث ، فالمسألة كما يسميها الأصوليون على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية ، أي لا يلزم وجودهم بالفعل كما استظهر الدكتور وإنما هي صفات ذكرها النبي ( ص ) للشيعة متى وجدوا وأينما وجدوا ، أما الاستدلال على ظهور الشيعة أيام النبي فمن روايات وقرائن كثيرة يوردونها في هذا المقام ، أورد قسما منها الدكتور عبد العزيز الدوري واستعرض مصادرها ( 4 ) مع ملاحظة أنه قيد

    ( 1 ) الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 376 .
    ( 2 ) روضان الجنات للخونساري ص 88 .
    ( 3 ) نظرية الإمامة ص 31 .
    ( 4 ) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام ص 72 . ( * )

    - ص 28 -


    التشيع بأنه تشيع روحي كما نص على قسم من أدلتهم على ذلك يحيى هاشم فرغل في كتابه ( 1 ) .
    إن بعض هذه الآراء يرجع بالبداية الزمنية في ظهور الشيعة إلى وقت مبكر في حياة النبي ( ص ) حيث التأمت جماعة من الصحابة تفضل عليا ( ع ) على غيره من الصحابة وتتخذه رئيسا ومن هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وبنو هاشم الخ ( 2 ) .

    ولهذا ذهب الباحثون إلى تخطئة من يؤرخ للتشيع وظهوره بعصور متأخرة مع أن الأدلة التاريخية متوفرة على وجودهم أيام الرسول صلوات الله عليه وآله : يقول محمد عبد الله عنان في كتابه تاريخ الجمعيات السرية عند تعليقه على الحادثة التي روتها كتب السيرة ( 3 ) حين جمع النبي عشيرته عند نزول قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * 214 / الشعراء ، ودعاهم إلى اتباعه فلم يجبه إلا علي بن أبي طالب فأخذ النبي برقبته وقال : هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا الخ .

    علق محمد عبد الله بقوله : من الخطأ أن يقال : إن الشيعة إنما ظهروا لأول مرة عند انشقاق الخوارج بل كان بدء الشيعة وظهورهم في عصر الرسول حين أمر بإنذار عشيرته بهذه الآية .

    ( 1 ) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج 1 ص 105 .
    ( 2 ) المصدر السابق ص 106 .
    ( 3 ) حياة محمد لهيكل ط مصر الطبعة المؤرخة 1354 ص 104 . ( * )

    على تكون التشيع أيام النبي

    1 - النصوص التاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي ( ص ) وقد مرت الإشارة لذلك ، ولهذا يقول الحسن بن موسى النوبختي عند تحديده للشيعة : فالشيعة فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي - ثم عدد جماعة منهم وقال : - وهم أول من سمي باسم التشيع لأن اسم التشيع كان قديما لشيعة إبراهيم ( 1 ) .

    2 - ما عليه جمهور الباحثين والمؤرخين الذين ذهبوا إلى أن التشيع ظهر يوم السقيفة فإن ذلك ينهض دليلا على وجوده أيام النبي ( ص ) لأنه من غير المعقول أن يتبلور التشيع بأسبوع واحد - أي المدة بين وجود الرسول ووفاته بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه فإن مثل هذه الآراء تحتاج في تكوينها وتبلورها إلى وقت ليس بالقليل وكل من له إلمام بحوادث السقيفة وموقف الممتنعين عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع يجزم بأن تلك المواقف لم تتكون بوقت قصير وبسرعة كهذه السرعة وذلك لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل في طرح نظريات معينة .

    3 - إن من غير المعقول أن ترد على لسان النبي ( ص ) أحاديث في تفضيل

    ( 1 ) الفرق والمقالات للنوبختي باب تعريف الشيعة . ( * )


    - ص 30 -


    الإمام علي ( ع ) والإشارة إلى مؤهلاته ثم يقف المسلمون من ذلك موقف غير المبالي وهم من هم في إيمانهم وطاعتهم للرسول ( ع ) ولا سيما والمواقف في ذلك قد تعددت وسأذكر لك منها .

    أ - الموقف الأول : عندما نزل قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * 214 / من سورة الشعراء قال المؤرخون : إن النبي ( ص ) دعا عليا ( ع ) وأمره أن يصنع طعاما ويدعو آل عبد المطلب وعددهم يومئذ أربعون رجلا وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبي ( ص ) وقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القول عنها جميعا - يقول علي - وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ( 1 ) .

    ب - الموقف الثاني : يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله ( ص ) : دخلت على النبي وهو يوحى إليه فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها وسمعته يقول : الحمد لله الذي أكمل لعلي منته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه . . وبعد أن قرأ قوله تعالى : * ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) 55 / المائدة .

    وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في علي ( ع ) ومنهم السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب والبيضاوي في

    ( 1 ) تاريخ الطبري ج 2 ص 216 ، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 28 . ( * )


    - ص 31 -


    تفسير والزمخشري في الكشاف والثعلبي في تفسيره والطبرسي في مجمع البيان وغيرهم من أعلام المفسرين والمحدثين .

    ومن الغريب أن يقف الآلوسي في تفسيره روح المعاني موقفا يمثل الإسفاف والركة في دفع هذه الآية عن علي ( ع ) ويريك كيف يهبط التعصب بالإنسان إلى درك مقيت وإلى تهافت غير معهود .

    وإن المرء ليستغرب من هذا الرجل فإن له مواقف متناقضة من علي ( ع ) فتارة يعطيه حقه وأخرى يقف منه موقفا متشنجا وبوسع كل من قرأ الآلوسي في مؤلفاته أن يرى هذه الظاهرة .

    ج‍ - الموقف الثالث : موقف النبي ( ص ) يوم غدير خم وذلك عند نزول الآية : * ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) * 69 / المائدة . وعندها أوقف النبي ( ص ) الركب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب عليه خطبته المعروفة ثم أخذ بيد علي وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، فكررها ثلاثا ثم قال : " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقيه الخليفة الثاني فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .

    وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنها نزلت في علي ( ع ) ثم عقب بعد ذلك بقوله : وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي - يريد الباقر - ( 1 ) إن حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابيا ونص على أن طرقه صحيحة وبعضها حسن ( 2 ) .

    وأورده ابن حمزة الحنفي مخرجا له عن أبي الطفيل عامر بن واثلة بهذه

    ( 1 ) تفسير الرازي ج 3 ص 431 .
    ( 2 ) الصواعق المحرقة الباب الثاني من الفصل التاسع ( * ) .

    - ص 32 -


    الصورة . قال : إن أسامة بن زيد قال لعلي : لست مولاي إنما مولاي رسول الله ( ص ) فقال النبي ( ص ) : كأني قد دعيت فأجبت إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ( 1 ) .

    وقد ألف في موضوع الغدير من السنة والشيعة ست وعشرون مؤلفا ( 2 ) ولا أريد التحدث بصراحة حديث الغدير في أولوية الإمام علي ( ع ) وتقديمه على كافة الصحابة فإن الأمر قد أشبع من قبل الباحثين ولكني أريد أن أسائل الدكتور أحمد شلبي الذي يقول إن حديث الغدير لم يرد له ذكر إلا في كتب الشيعة ، فأقول له هل هناك شئ من الشعور بالمسؤولية عندك وعند أمثالك ممن يرمون الكلام على عواهنه فأنت تحمل أمانة للأجيال فمن الأمانة هذا القول إن كتب أهل نحلتك وحفاظ قومك أوردت الحديث بمصادره الموثوقة فإذا كنت لا تقرأ أو تقرأ ولا تريد أن تعرف فاسكت يرحمك الله فهو خير لك من التعرض أما لنسبة الجهل أو العصبية ، ولا يقل عن الدكتور شلبي من يذهب إلى أن لفظ المولى هنا إنما يراد منه ابن العم فهو أحد معاني هذه اللفظة المشتركة ولا رد لي على هذا إلا أن أقول : اللهم ارحم عقولنا من المسخ .

    إن هذه مجرد أمثلة من مواقف النبي ( ص ) في التنويه بفضل علي ( ع ) ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها دون أن تشد الناس لعلي ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي ، الذي يشركه القرآن بالولاية العامة مع الله تعالى ورسوله ( ص ) ثم لا بد للمسلمين من إطاعة هذه الأوامر التي وردت بالنصوص والالتفات حول من وردت فيه ذلك هو معنى التشيع الذي نقول : إن النبي ( ص ) هو الذي بذر بذرته وقد أينعت في حياته وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفات حوله وللتدليل على ذلك سأذكر لك أسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم وولائهم للإمام علي عليه السلام .

    ( 1 ) البيان والتعريف ج 2 ص 136 .
    ( 2 ) أعيان الشيعة ج 3 باب الغدير . ( * )

    رواد التشيع الأوائل

    جندب بن جنادة ، أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر ، سلمان الفارسي ، المقداد بن عمر بن ثعلبة الكندي ، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي ، خزيمة ابن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين ، الخباب بن الأرت الخزاعي أحد المعذبين في الله ، سعد بن مالك أبو سعيد الخدري ، أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري ، قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري ، أنس بن الحرث بن منبه أحد شهداء كربلاء ، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي استضافه النبي ( ص ) عند دخوله للمدينة ، جابر بن عبد الله الأنصاري أحد أصحاب بيعة العقبة ، هاشم بن أبي وقاص المرقال فاتح جلولاء ، محمد بن الخليفة أبي بكر تلميذ علي وربيبه ، مالك بن الحرث الأشتر النخعي ، مالك بن نويرة ردف الملوك الذي قتله خالد بن الوليد ، البراء ابن عازب الأنصاري ، أبي بن كعب سيد القراء ، عبادة بن الصامت الأنصاري ، عبد الله بن مسعود صاحب وضوء النبي ( ص ) ومن سادات القراء ، أبو الأسود الدؤلي ، ظالم بن عمير واضع أسس النحو بأمر الإمام علي ، خالد بن سعيد بن أبي عامر بن أمية بن عبد شمس خامس من أسلم ، أسيد بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، الأسود بن عيسى بن وهب من أهل بدر ، بشير ابن مسعود الأنصاري من أهل بدر ومن القتلى بواقعة الحرة بالمدينة ، ثابت أبو فضالة الأنصاري من أهل بدر ، الحارث بن النعمان بن أمية الأنصاري من أهل بدر ، رافع بن خديج الأنصاري ممن شهد أحدا ولم يبلغ وأجازه النبي ( ص ) ،

    - ص 34 -


    كعب بن عمير بن عبادة الأنصاري من أهل بدر ، سماك بن خرشة أبو دجانة الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن عمرو الأنصاري من أهل بدر ، عتيك بن التيهان من أهل بدر ، ثابت بن عبيد الأنصاري من أهل بدر ، ثابت بن حطيم ابن عدي الأنصاري من أهل بدر ، سهيل بن حنيف الأنصاري من أهل بدر ، أبو مسعود عقبة بن عمر من أهل بدر ، أبو رافع مولى رسول الله ( ص ) الذي شهد مشاهده كلها مع مشاهد علي ( ع ) وممن بايع البيعتين العقبة والرضوان وهاجر الهجرتين للحبشة مع جعفر وللمدينة مع المسلمين ، أبو بردة بن دينار الأنصاري من أهل بدر ، أبو عمر الأنصاري من أهل بدر ، أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري من أهل بدر ، عقبة بن عمر بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر ، قرظة بن كعب الأنصاري ، بشير بن عبد المنذر الأنصاري أحد النقباء ببيعة العقبة ، يزيد بن نويرة بن الحارث الأنصاري ممن شهد له النبي ( ص ) بالجنة ، ثابت بن عبد الله الأنصاري ، جبلة بن ثعلبة الأنصاري ، جبلة بن عمير بن أوس الأنصاري ، حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، زيد بن أرقم الأنصاري شهد مع النبي ( ص ) سبعة عشر وقعة ، أعين بن ضبيعة بن ناجية التميمي ، الأصبغ بن نباتة ، يزيد الأسلمي من أهل بيعة الرضوان ، تميم بن خزام ، ثابت ابن دينار أبو حمزة الثمالي صاحب الدعاء المعروف ، جندب بن زهير الأزدي ، جعدة بن هبيرة المخزومي ، حارثة بن قدامة التميمي ، جبير بن الجناب الأنصاري ، حبيب بن مظاهر الأسدي ، حكيم بن جبلة العبدي الليثي ، خالد ابن أبي دجانة الأنصاري ، خالد بن الوليد الأنصاري ، زيد بن صوحان الليثي ، الحجاج بن غاربة الأنصاري ، زيد بن شرحبيل الأنصاري ، زيد بن جبلة التميمي ، بديل بن ورقاء الخزاعي ، أبو عثمان الأنصاري ، مسعود بن مالك الأسدي ، ثعلبة أبو عمرة الأنصاري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، عبد الله بن حزام الأنصاري شهيد أحد ، سعد بن منصور الثقفي ، سعد بن الحارث ابن الصمد الأنصاري ، الحارث بن عمر الأنصاري ، سليمان بن صرد الخزاعي ، شرحبيل بن مرة الهمداني ، شبيب بن رت النميري ، سهل بن عمر

    - ص 35 -


    صاحب المربد ، سهيل بن عمر أخو سهل المار ذكره ، عبد الرحمن الخزاعي ، عبد الله بن خراش ، عبد الله بن سهيل الأنصاري ، عبيد الله بن العازر ، عدي ابن حاتم الطائي ، عروة بن مالك الأسلمي ، عقبة بن عامر السلمي ، عمر بن هلال الأنصاري ، عمر بن أنس بن عون الأنصاري من أهل بدر ، هند بن أبي هالة الأسدي ، وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة ، هاني بن عروة المذحجي ، هبيرة بن النعمان الجعفي ، يزيد بن قيس بن عبد الله ، يزيد بن حوريت الأنصاري ، يعلى بن عمير النهدي ، أنس بن مدرك الخثعمي ، عمرو العبدي الليثي ، عميرة الليثي ، عليم بن سلمة التميمي ، عمير بن حارث السلمي ، علباء بن الهيثم بن جرير وأبوه الهيثم من قواد الحملة في قتال الفرس بواقعة ذي قار ، عون بن عبد الله الأزدي ، علاء بن عمر الأنصاري ، نهشل بن ضمرة الحنظلي ، المهاجر بن خالد المخزومي ، مخنف بن سليم العبدي الليثي ، محمد بن عمير التميمي ، حازم بن أبي حازم النجلي ، عبيد بن التيهان الأنصاري ، وهو أول المبايعين للنبي ليلة العقبة ، أبو فضالة الأنصاري ، أويس القرني الأنصاري ، زياد بن النضر الحارثي ، عوض بن علاط السلمي معاذ بن عفراء الأنصاري ، عبد الله بن سليم العبدي الليثي ، علاء بن عروة الأزدي ، القاسم بن سليم العبدي الليثي ، عبد الله بن رقية العبدي الليثي ، منقذ بن النعمان العبدي الليثي ، الحارث بن حسان الذهلي صاحب راية بكر بن وائل ، بجير بن دلجة ، يزيد بن حجية التميمي ، عامر بن قيس الطائي ، رافع الغطفاني الأشجعي ، سالم بن أبي الجعد ، عبيد بن أبي الجعد ، زياد بن أبي الجعد ، أبان ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس من أمراء السرايا أيام النبي ( ص ) ومن خلص أصحاب الإمام علي ( ع ) . حرملة بن المنذر الطائي أبو زبيد ، والمجموع مائة وثلاث وثلاثون .

    هذه شريحة أو نماذج من الرواد الأوائل في التشيع ذكرتهم بدون انتقاء أو اختيار وإنما مررت بكتب الرجال فذكرت منها هذه المجموعة وقد نصت على

    - ص 36 -


    تشيعهم المصادر التالية ( 1 ) .

    بعد ملاحظة هذه الشريحة من الطبقة الأولى من الشيعة تتضح لنا أمور هامة ، في موضوعنا أعرضها أمام القارئ الواعي الرائد للحق والموضوعية ، وإلا فما أكثر من يقرأ ولا يتجاوز مضمون السطور عينيه ، وقد يقرأ أحيانا ولا يريد أن يصدق ما يقرأ مع توفر شرائط الصحة فيما يقرأه ومع وجود الثقة النفسية بمضمون ما يقرأه ، ولكنه التكوين النفسي والذهني الذي ينشأ عليه الإنسان منذ الصغر فيكاد يكون غريزة من الغرائز التي يطبع عليها الإنسان .

    تعقيب على الرواد من الشيعة هذه الأمور التي ذكرت أني سأعرض لها تعقيبا على نوعية الرواد الأوائل هي : أولا : إن هؤلاء الشيعة الذين مر ذكرهم مع أنهم كانوا من الذاهبين إلى أولوية الإمام علي ( ع ) بالخلافة لأنه الإمام المفترض الطاعة المنصوص عليه ومع اعتقادهم بأن من تقدم عليه أخذ ما ليس له ومع امتناع كثير منهم من البيعة للخليفة الأول واعتصامهم ببيت الإمام علي ( ع ) مع كل ذلك لم يعرف عن أحد منهم أنه شتم فردا من الصحابة أو تناوله بطريقة غير مستساغة بل كانوا أكبر من ذلك وأصلب عودا من خصومهم - مما يدل على أن بعض من عرف بظاهرة شتم الصحابة إنما صدر منه ذلك كعملية رد فعل لأفعال متعددة وسنمر على ذلك قريبا - إنهم مع اختلافهم مع الحكم لم يلجأوا إلى شتم أو بذاء لأنهم يعرفون أن الحقوق لا يوصل إليها بالشتم وليس الشتم من شيم الأبطال ، والذي يريد أن يسجل ظلامة أو يشير إلى حق سليب فإن طرق ذلك ليس منها الشتم في شئ ،


    ( 1 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج7 ص 130 ، وأسد الغابة ج1 ص 35 ط أوفست حرف الألف ، وج1 ص 61 طبع دمشق ، وفجر الإسلام ص 267 ، والإستيعاب ج1 ص 280 ، ومدخل موسوعة العتبات المقدسة الفصل الخاص بالشيعة بقلم عبد الواحد الأنصاري . ( * )


    - ص 37 -


    وإنما هناك مناهج سليمة في الوصول لذلك ، وقد حرص أمير المؤمنين ( ع ) على تربية أتباعه على المنهج السليم ومن مواقفه في ذلك ما رواه نصر بن مزاحم قال : مر أمير المؤمنين ( ع ) على بعض من كان في جيشه بصفين فسمعهم يشتمون معاوية وأصحابه فقال لابن عدي ولعمر بن الحمق وغيرهما : كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرأون ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا ، وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم ، من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله منهم ، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي وخيرا لكم فقالوا : يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك ( 1 ) إن هذا الموقف منه ( ع ) ليشعرهم أن الشتم وسيلة نابية وليست كريمة ثم هي بعد ذلك تنفيس عن طاقة يمكن الاستفادة منها بادخارها وصرفها في عمل إيجابي يضاف لذلك أن الشتم مدعاة للإساءة لمقدسات الشاتم نفسه ومن هنا حرم الفقهاء شتم الصنم إذا أدى إلى شتم الله تعالى مستفيدين ذلك من قوله تعالى : * ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) * 108 / الأنعام .

    من أجل ذلك كله كان الشيعة أطهر ألسنة من أن يشتموا وأبعد عن هذا الموقف النابي ولذلك رأينا كثيرا من الباحثين يؤكدون هذا الجانب في حياة الرواد الأوائل من الشيعة مع أنهم يثبتون عقيدتهم بتقديم الإمام علي ( ع ) ومن هؤلاء :
    أ - الدكتور أحمد أمين : يقول عن هؤلاء إنهم قسم المقتصد الذي يرى بأن أبا بكر وعمر وعثمان ومن شايعهم أخطأوا إذ رضوا أن يكونوا خلفاء مع علمهم بفضل علي وإنه خير منهم ( 2 ) .


    ( 1 ) صفين لنصر بن مزاحم ص 115 .
    ( 2 ) فجر الإسلام ص 268 . ( * )

    - ص 38 -


    ب - ابن خلدون يقول : كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف ( 1 ) .

    ج‍ - ابن حجر في الإستيعاب : يقول في ترجمة أبي الطفيل : عامر بن واثلة بن كنانة الليثي أبو الطفيل أدرك من حياة النبي ( ص ) ثمان سنين وكان مولده عام أحد ومات سنة مائة ويقال : إنه آخر من مات ممن رأى النبي ، وقد روى نحو أربعة أحاديث وكان محبا لعلي وكان من أصحابه في مشاهده وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين إلا أنه يقدم عليا إنتهى باختصار ( 2 ) .

    وبعد هذه المقتطفات أود أن ألفت النظر أني خلال مراجعاتي كتب التاريخ لم أر في الفترة التي تمتد من بعد وفاة النبي حتى نهاية خلافة الخلفاء من عمد إلى الشتم من أصحاب الإمام ، وإنما هناك من قيم الخلفاء وقيم الإمام وحتى في أشد جمحات عاطفة الولاء لم نجد من يشتم أحدا ممن تقدم الإمام بالخلافة يقول أبو الأسود الدؤلي :

    أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا
    يقول الأرذلون بنو قشير * طول الدهر ما تنسى عليا
    أحبهم لحب الله حتى * أجئ إذا بعثت على هويا
    بنو عم النبي وأقربوه * أحب الناس كلهم إليا
    فإن يك حبهم رشدا أصبه * ولست بمخطئ إن كان غيا ( 3 )


    ( 1 ) تاريخ ابن خلدون ج3 ص 364 .
    ( 2 ) الإستيعاب ج 2 ص 452 . ( 3 ) الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل ج 7 .

    - ص 39 -


    يضاف لذلك أنه حتى في الفترة الثانية أي في عهود الأمويين كان معظم الشيعة يتورعون عن شتم أحد من الصحابة ، أو التابعين : يقول ابن خلكان في ترجمة يحيى بن يعمر : كان شيعيا من القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم ( 1 ) .

    ( 1 ) وفيات الأعيان ج 2 ص 269 . ( * )

     
  11. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    الشيعة غير الروافض

    من كل ما ذكرته يتضح أمر آخر وهو أن ما دأب عليه بعض الكتاب من رمي الشيعة بالرفض وتسميتهم بالروافض نشأ مؤخرا وبأسباب خاصة سنذكرها : إن هذا الزمن الذي نشأ فيه نعت الشيعة بالروافض هو في أيام الأمويين ، ولذلك جاءت النصوص تنعت الروافض بأنهم قسم من الشيعة لا الشيعة كما يريد البعض ومن تلك النصوص :
    1 - محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس قال : والروافض كل جند تركوا قائدهم والرافضة فرقة منهم ، والرافضة أيضا فرقة من الشيعة قال الأصمعي سموا بذلك لأنهم بايعوا زيد بن علي ثم قالوا له تبرأ من الشيخين فأبى وقال لا كانا وزيري جدي فتركوه ورفضوه وارفضوا عنه ( 1 ) .

    2 - إسماعيل بن حماد الجوهري قال في الصحاح : عند مادة رفض موردا نفس المضمون الذي ذكره الزبيدي فكأنه نسخة طبق الأصل ( 2 ) .

    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 34 .
    ( 2 ) صحاح الجوهري ج 3 ص 1078 تسلسل عام الكتاب . ( * )

    - ص 41 -


    3 - القاضي عياض : فرق القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك بين الشيعة والرافضة وذلك حينما قارن مذهب الإمام مالك بغيره فقال : فلم نر مذهبا من المذاهب غيره أسلم منه فإن فيهم الجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة والشيعة إلا مذهب مالك فإنا ما سمعنا أحدا من نقلة مذهبه قال بشئ من هذه البدع ( 1 ) .

    ومن الواضح من هذه الجملة أن الرافضة غير الشيعة لمكان التغاير الناتج من العطف .
    ومن هذا ومن غيره مما نقله أصحاب المقالات مما لا يخرج عن نفس المضمون يتضح أن اصطلاح الروافض مأخوذ بمعناه اللغوي في أنه لكل جند رفضوا قائدهم ، وتطبيقه على أصحاب زيد من باب تطبيق الكلي على أحد مصاديقه وإلى هنا فإن المسألة طبيعية .

    لكن الذي يلفت النظر أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه البراءة من الشيخين فإن ذلك محل تأمل طويل للأسباب التالية :
    1 - إن هؤلاء الذين طلبوا البراءة لو كانوا شيعة فلا بد أنهم حريصون على نصر زيد وكسب المعركة ضرورة أن مصيرهم مرتبط بمصير زيد فإذا هزم فمعنى ذلك القضاء عليهم قضاء تاما خصوصا وأن خصومهم الأمويون الذين يقتلون على الظنة والتهمة كل من يميل إلى آل أبي طالب ، فما الذي دفعهم إلى خلق هذه البلبلة التي أدت إلى انفضاض جند زيد عنه وبالتالي إلى خسارته للمعركة فموته شهيدا على أيدي الأمويين فلا بد أن يكون هؤلاء ليسوا من الشيعة وإنما هم جماعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على زيد واحتمال كسبه للمعركة .

    2 - وعلى فرض التنزل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخين فما معنى سحب هذا اللقب على كل شيعي يوالي أهل البيت حتى أصبح هذا الأمر من المسلمات فوجدنا الإمام الشافعي يقول في أبياته الشهيرة :

    ( 1 ) ترتيب المدارك ج 1 ص 51 . ( * )


    - ص 42 -


    يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
    سحرا إذا فاضل الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض
    أعلمتم أن التشيع مذهبي * إني أقول به ولست بناقض
    إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

    البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العروس في مادة رفض ( 1 )

    وباقيها في ترجمة الشافعي بمختلف الكتب . إن تعبير الإمام الشافعي : إن كان رفضا حب آل محمد يدل على أن هناك إرادة لسحب اللقب وهو رافضي على كل شيعي مبالغة في التشهير بهم وشحن المشاعر ضدهم مما سنلمح كثيرا من الأمثلة له ، ومما يؤيد على أنها تتمشى مع تخطيط شامل يستهدف محاصرة التشيع والتشهير به وبكل وسيلة سليمة كانت أم لا .

    3 - قد يقال إنه لا شك في وجود جماعة شتامين للصحابة فما هو السبب في كونهم من هذا الصنف في حين تدعون أن الشتم لا تقره الشيعة ولا أئمتهم وللجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى مجموعة من الأسباب تشكل فعلا عنيفا استوجب رد الفعل ومن هذه الأسباب ما يلي : أسباب الشتم
    أ - المطاردة والتنكيل المروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل وإبادة على الظنة والتهمة وفي أحسن الحالات الملاحقة لهم والمحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت المال وفرض الضرائب عليهم وعزلهم اجتماعيا وسياسيا وبوسع القارئ الرجوع إلى التاريخ الأموي في الكوفة وغيرها من المدن الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الحالة وما انتهى إليه ولاة الأمويين من قسوة ومن هبوط

    ( 1 ) تاج العروس ج 5 ص 35 . ( * )


    - ص 43 -


    في الإنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الأموي والعباسي ( 1 ) .
    إن مثل هذا الاضطهاد يستلزم التنفيس عن الكبت فقد يكون هذا التنفيس في عمل إيجابي بشكل من الأشكال وأحيانا قد يكون سلبيا فيلجأ إلى هذا الشتم .
    ولسنا نبرر ذلك بحال من الأحوال لما سبق أن ذكرناه من أسباب

    ب - إن الذي أسس هذه الظاهرة هم الأمويون أنفسهم لأنهم شتموا الإمام عليا ( ع ) على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة واستمر هذا الوضع حتى أن محاولة الرجل الطيب عمر بن عبد العزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الأمويين وبالذات معاوية أنهم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل .
    ومما عمق هذه الظاهرة : هو الالتواء في معالجة هذه المشكلة من قبل أعلام السنة .

    وعلى سبيل المثال نجد ابن تيمية يؤلف كتابه الصارم المسلول في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول ، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم ولكنه مع ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون لا يقول بكفر الأمويين الذين قاموا بشتم الإمام ( ع ) وأهله .
    إن علي بن أبي طالب أخو رسول الله ( ص ) ومن ضحى بكل ذرة من كيانه في خدمة الإسلام والمسلمين فلماذا لا يكفر شاتمه ؟ وستسمع الجواب طبعا بأنه تاب وغفر الله له وانتهى الأمر .

    وإليك مثالا آخر : لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالا لا تصدر من كسرى وقيصر .

    وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن ، واستباح المدينة ثلاثة أيام وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي يأخذ الرضيع من ضرع أمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على

    ( 1 ) أنظر مروج الذهب للمسعودي ج3 ص 12 ص 50 ، وانظر تاريخ الطبري ج 6 ص 344 . ( * )


    - ص 44 -


    أساس أنهم عبيد له ، وأخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من الأشلاء .

    وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلا كل من تاريخ الخميس للديار بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين حتى ثلاث وستين من الهجرة .

    ومع ذلك كله تجد كثيرا من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأن الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين ( ع ) سيد شباب أهل الجنة فكأن النبي ( ص ) عندما قال : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ما كان يعلم بأنه يقاتل يزيد وحينما يقول النبي ( ص ) : " إن الحسين وأصحابه يدخلون الجنة بغير حساب " ( 1 ) لم يأخذ في حسابه أنهم خارجون على يزيد اللهم اهد قومنا ، وكأن ابن العربي المالكي أعرف بمصائر الأمور من النبي نفسه الذي يرسم للحسين مصيره ويأمره بتنفيذ ذلك ، أرأيت معي إلى أي مستوى من المهازل تصل الدنيا ؟

    وهذا الإمام الغزالي الذي سنقف قريبا معه وقفة قصيرة يقول وأمام عينيه عشرات من كتب السير والتاريخ التي تؤكد بالطرق الموثوقة بشاعة الأحداث التي تمت بأمر يزيد وبفعله المباشر لبعضها .
    يقول في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم : فإن قيل : هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين ، أو أمر به ، قلنا هذا لم يثبت أصلا فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت ، فضلا عن لعنه ، لأنه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق ، إلى أن قال : فإن قيل : أن يقال " قاتل الحسين لعنه الله ، أو الآمر بقتله لعنه الله " قلنا : الصواب أن يقال قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله ( 2 ) .

    ( 1 ) تهذيب التهذيب لابن حجر ج2 ص 347 .
    ( 2 ) إحياء العلوم ج2 ص 276 . ( * )

    - ص 45 -


    بربك أيها القارئ هل تملك أعصابك وأنت تسمع مثل هذا الكلام يصدر من مثل هذا الشخص ؟ .

    هل كل كتب السير والتاريخ عند المسلمين والتي نصت على صدور هذه الأحداث أمرا ومباشرة من يزيد كلها لا تثبت أفعال يزيد ولا تدينه ؟ ! وعنده أن يزيد وأمثاله من قتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء ممن يوفقون للتوبة ؟ ! إن كل وسائل الإثبات لا تثبت إدانة يزيد عند الغزالي ، ولكن يثبت عنده من طيف رآه أنه رأى الله تعالى واجتمع به ووضع يده بيده وحادثه وأفاض عليه من نوره ( 1 ) .

    يقول صاحب مفتاح السعادة : إن أبا بكر النساج ألحد الغزالي في قبره وخرج متغير اللون فسألوه عن ذلك فقال : رأيت يدا يمنى خرجت من تجاه القبلة وسمعت مناديا ينادي ضع يد محمد الغزالي في يد سيد المرسلين ( 2 ) إن أمثال هذه المواقف تثبت بوسائل إثبات من هذا النوع ولكن كتب التاريخ كلها لا تشكل وسيلة إثبات في إدانة يزيد ! . . .

    ويصل الأمر إلى رمي آل البيت بالشذوذ فضلا عن عدم ترتيب الأثر على شتمهم فيقول ابن خلدون في المقدمة : وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم وهي كلها أصول واهية .

    يقول ذلك ونصب عينيه أحاديث النبي ( ص ) في أهل بيته كما رواه ابن حجر بصواعقه ( 3 ) " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون " ونصب عينه أيضا ما قاله النبي ( ص ) كما رواه الحاكم في المستدرك : " ومن أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربي

    ( 1 ) أنظر الغدير للأميني ج 11 ص 161 .
    ( 2 ) المصدر السابق نفس الصفحات .
    ( 3 ) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 128 . ( * )

    - ص 46 -


    وهي جنة الخلد فليتول عليا وذريته من بعدي فإنهم لم يخرجوكم من هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة ( 1 ) " . ومع ذلك كله فأهل البيت شاذون مبتدعون في نظر الشعوبي ابن خلدون إني والله يعلم إذ أورد أمثال هذه المقاطع إنما أريد وضع اليد على الدملة التي أهلكنا التهابها عبر السنين .

    إن أمثال هذه المواقف إنما تعمق جذور الخلاف فيكون التنفيس عنها سلبيا أحيانا إن كتاب المسلمين مسؤولون عن شجب هذه المواقف التي رحل واضعوها وبقيت مصدر بلاء على المسلمين .

    وإن مما يبعث على الاستغراب أن يسكت علماء وكتاب المسلمين على أقوال ابن خلدون وأمثاله مع قيام الأدلة على أن آل محمد هم الامتداد المضموني لمحمد صلى الله عليه وآله .

    بالإضافة إلى ذلك كله إن السنن التي تروى عن طريق أهل البيت ( ع ) لا يعمل بها بينما يعمل ببدع واستحسانات وردت عن طريق غيرهم خذ مثلا مسألة الأذان الذي حذف منه فقرة حي على خير العمل مع ثبوتها وأنها جزء من الأذان بطرق مختلفة يقول صاحب مبادئ الفقه في هذا الموضوع ما يلي : كيفية الأذان هي : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .

    هذا هو الأذان الذي اتفق البصريون والكوفيون على كلماته ، وتبعهما الشاميون والمصريون ومذاهب الحجازيين والزيدية والمالكية إلى أن كلمة الله أكبر في أول الأذان مرتان لا أربع وعليه عمل أهل المدينة وأما " الصلاة خير من النوم " فليست من الأذان الشرعي : ففي تيسير الوصول عن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال : الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح .

    ولذلك قال أبو حنيفة : هذه الجملة تزاد بعد إكمال

    ( 1 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 148 . ( * )


    - ص 47 -


    الأذان لأنها ليست من السنة .

    أما " حي على خير العمل " فمذاهب العترة أنها بين حي على الفلاح وبين الله أكبر ، " دليلهم في ذلك من كتب السنة ما يلي : روى البيهقي في سننه أن علي ابن الحسين زين العابدين كان يقول إذا قال حي على الفلاح حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول .

    وأورد في شرح التجريد مثل هذه الرواية عن ابن أبي شيبة ثم قال : : وليس يجوز أن يحمل قوله " هو الأذان الأول " إلا على أنه أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وزاد رواية أخرى عن ابن عمر : أنه ربما زاد في أذانه حي على خير العمل ، وأورد البيهقي هذه الرواية عن ابن عمر أيضا .

    ونقل ابن الوزير عن المحب الطبري الشافعي في كتابه إحكام الأحكام ما نصه : ذكر الحيعلة بحي على خير العمل عن صدقة بن يسار عن ابن أمامة سهل بن حنيف أنه كان إذا أذن قال : " حي على خير العمل " أخرجه سعيد بن منصور ، وروى ابن حزم في كتاب الإجماع عن ابن عمر : أنه كان يقول " حي على خير العمل " .

    وقال علاء الدين مغلطاي الحنفي في كتاب التلويح شرح الجامع الصحيح : ما لفظه : وأما حي على خير العمل فذكر ابن حزم أنه صح عن عبد الله بن عمرو وأبي أمامة سهل بن حنيف أنهما كانا يقولان في أذانهما " حي على خير العمل " وكان علي بن الحسين يفعله .

    وذكر سعد الدين التفتازاني في حاشيته على شرح العضدي على مختصر الأصول لابن الحاجب أن حي على خير العمل كان ثابتا على عهد رسول الله وأن عمر هو الذي أصر أن يكف الناس عن ذلك مخافة أن يثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا على الصلاة .

    وقال ابن حميد في توضيحه : وقد ذكر الروياني أن للشافعي قولا مشهورا بالقول به ، وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أن حي على خير العمل كان من ألفاظ الأذان .

    - ص 48 -


    قال الزركشي في البحر المحيط : ومنها ما الخلاف فيه موجود كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر عميد أهل المدينة يرى إفراد الأذان والقول فيه حي على خير العمل ( 1 ) وبعد كل ما ذكرناه وما ورد في هذا الفصل المدعوم بروايات صحيحة في طرق أهل السنة فلماذا يا ترى لا يعمل بما ورد عن آل محمد وبطريقهم من السنن الصحيحة مع أنهم محال رحمة الله وبيوتهم مهابط وحيه وصدورهم عيبة علم النبي ألا يبعث هذا على الدهشة ؟ في حين نرى من غيرهم أحكاما لا تلتقي بحال من الأحوال مع المدارك السليمة ومع ذلك يؤخذ بها وتعتبر مدركا من المدارك فعلى ماذا تحمل هذه الأمور إن لم تحمل والعياذ بالله على البعد عن آل محمد وهم عدل الكتاب بنص النبي عليه السلام .

    خذ مثلا : ما ذهب إليه بعض فقهاء السنة من أن الإنسان إذا ترك الصلاة عمدا لا يجب عليه قضاؤها أما إذا تركها نسيانا فيجب عليه قضاؤها ( 2 ) واعتقد أن ذلك يخرج على رأي من يقول إن الكافر لا يكلف بالفروع ، وحيث إن التارك عمدا يمكن أن يكون تركه لها لعدم الإيمان بها أساسا فهو كافر ومهما يكن فإن هذا من الفروع البعيدة . عن روح الأحكام الصحيحة .

    ( 1 ) نقلت هذا الفصل من كتاب مبادئ الفقه لمحمد سعيد العوفي ص 52 طبع دمشق الثالثة 1977
    ( 2 ) نيل الأوطار للشوكاني ط مصر 1952 ج 2 ص 27 . ( * )

     
  12. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    عبد الله بن سبأ

    بالرغم من وفرة المصادر عن الشيعة وبالرغم من خطورة موضوع الكتابة عن العقائد ، وبالرغم من الواقع المجسد للشيعة من مؤسسات دينية وفعاليات عقائدية ومساجد تردد كلمة التوحيد ليل نهار برغم ذلك كله فإننا ما زلنا نرى من يكتب عن الشيعة يترك هذا الواقع القائم وراء ظهره ويولي وجهه شطر كتابات صدرت من قوم كتبوا ومن خلفهم دوافع غير سليمة لمختلف الأسباب فبدلا من أن يعودوا إلى مؤلفات الشيعة أنفسهم رأيناهم يرجعون إلى أقوال صاغها الوهم وافترضها الحقد وخلقتها الخصومة وقد يكون الجهل أحد عوامل وجودها .

    ومما افترضه هؤلاء الكتاب بأن عقائد الشيعة الأساسية وضعها يهودي حاقد اندس في صفوف المسلمين اسمه عبد الله بن سبأ .

    وهذا العبد المفترض موضوعه طريف جدا ، فقد صنعه قوم واخترعوه اختراعا وأعطوه من الصفات والنعوت ما هو من المعجزات وصنعوا له من القابليات ما لا يمكن نسبته إلا إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن وما تعجز عن تحقيقه أمة قوية فضلا عن فرد وإن مثل هذا الكلام يجسد فجيعتنا بعقولنا قيل أن يجسد هذه الخرافات في تاريخنا وسنرى من الذي حاك عبد الله بن سبأ ، ومن هو ، وما الذي عمله ، ولماذا تربط الشيعة به .

    - ص 130 -


    من الذي حاك عبد الله بن سبأ إن الذي يريد التعرف على مصدر ولادة عبد الله بن سبأ سيجد أنه ولد من روايات الطبري وروايات الطبري تستند في هذا الموضوع على ركيزتين هما :
    أ - الركيزة الأولى : سيف بن عمر وتقول عنه كتب التراجم ما يلي بالحرف الواحد .
    يقول ابن حبان كان سيف بن عمر يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا إنه كان يضع الحديث واتهم بالزندقة ، كما يقول عنه الحاكم النيسابوري اتهم سيف بالزندقة وهو بالرواية ساقط .
    ويقول عنه ابن عدي : بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها .
    ويقول عنه ابن معين ضعيف الحديث فليس فيه خير .
    وقال ابن حاتم متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي .
    وقال عنه أبو داود صاحب السنن ليس بشئ .
    وقال عنه النسائي صاحب السنن : ضعيف .
    وقال عنه السيوطي إنه وضاع .
    وقال محمد بن طاهر بن علي الهندي عنه : سيف بن عمر متروك اتهم بالوضع والزندقة وكان وضاعا ( 1 ) .

    ب - الركيزة الثانية : السري بن يحيى كما يسميه الطبري ، وهو ليس بالسري بن يحيى الثقة ، لأن السري بن يحيى الثقة يكون زمانه أقدم من الطبري فقد توفي سنة 167 ه‍ .

    في حين ولد الطبري سنة 224 ، فالفرق بينهما سبعة وخمسون عاما ، ولا يوجد عند الرواة سري بن يحيى غيره ، ولذلك يفترض أهل الجرح والتعديل أن السري الذي يروي عنه الطبري يجب أن يكون واحدا من اثنين : كل منهما

    ( 1 ) تهذيب التهذيب لابن حجر ج4 ص 295 ، والغدير للأميني ج8 ص 68 . ( * )


    - ص 131 -


    كذاب وهما : السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي وهو أولهما ، وثانيهما السري ابن عاصم الهمداني نزيل بغداد المتوفى سنة 258 ، والذي أدرك ابن جرير الطبري وعاصره أكثر من ثلاثين عاما .

    وكل من هذين قد كذبه أهل الحديث واتهموه بالوضع فقد كذبهما صاحب تهذيب التهذيب ، وصاحب ميزان الاعتدال ، وصاحب تذكرة الموضوعات ، وصاحب لسان الميزان ، وغيرهم واتهموا كل واحد منهم بالوضع وبوسع القارئ مراجعة المصادر التي ذكرتها في ترجمة المذكورين ( 1 )

    وقد ذكر النقاد للطبري سبعمائة حديث وحديثا واحدا ، وهذه الأحاديث تغطي زمن الخلفاء الثلاثة وأسانيد هذه الروايات كلها عن السري الكذاب ، وعن شعيب المجهول وعن سيف الوضاع المتهم بالزندقة .

    ومن تلك الروايات رواياته في أحوال عبد الله بن سبأ وسنده عن شعيب وعن سيف بن عمر ، وكل من كتب عن عبد الله بن سبأ فهو عيال عن الطبري وعنه أخذ وإليه استند ( 2 ) ومن ذلك تعرف مقدار ما في موضوع عبد الله بن سبأ من وثاقة وصدق وفي رأيي أن من العبث أن نلفت أنظار هؤلاء الذين يصرون على وجوده وما قام به من أعمال لأنهم يوجدونه حتى لو لم يكن موجودا وذلك لأمور في نفوسهم .

    1 - من هو عبد الله بن سبأ : للتعرف على هوية عبد الله بن سبأ سوف أبدا بالمنبع الأساس وهو تاريخ الطبري وأعقبه بباقي المصادر عنه ، وسأنقل قول الطبري من خلال ما نقله أبو زهرة ، قال : كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء أمه سوداء فأسلم أيام عثمان ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم فبدأ ببلاد الحجاز ثم البصرة ثم الشام ، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشام فأخرجوه حتى أتى مصر فقال لهم فيما يقول : العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا

    ( 1 ) لسان الميزان ج3 ص 12 ، والغدير للأميني ج8 ص 143 .
    ( 2 ) أنظر الغدير للأميني ج9 ص 218 . ( * )

    - ص 132 -


    يرجع وقد قال الله تعالى : * ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) * القصص / 85 .
    ثم أن محمدا أحق بالرجعة من عيسى ، ثم قال بعد ذلك إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي وعلي وصي محمد ، ومحمد خاتم النبيين وعلى خاتم الأوصياء ( 1 ) .

    وهنا نقاط ذكرها أريد أن أؤكد عليها للمقارنة مع غيرها وهي : أولا أنه ابن السوداء وثانيا أنه من أهل صنعاء ، وثالثة أنه يؤكد رجوع النبي ( ص ) للدنيا ورابعا أنه ذكر أن عليا وصي النبي ، وخامسا أنه أسلم أيام عثمان ، وبعد ذلك نعود لأبي زهرة وفي نفس كتابه المذكور أي تاريخ المذاهب الإسلامية قال في مورد آخر : عبد الله بن سبأ كان يهوديا من أهل الحيرة ، أظهر الإسلام وأخذ ينشر بين الناس أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصيا وأن عليا وصي محمد ، وأن عليا أراد قتله ولكن نهاه عبد الله بن عباس فنفاه للمدائن بدل قتله ( 2 ) .

    وبين هذين المقتطفتين الفروق التالية ألفت النظر إليها وهي : أنه في الأولى من أهل صنعاء ، وفي الثانية من أهل الحيرة ، وأنه في الأولى أسلم أيام عثمان وفي الثانية أظهر الإسلام ولم يحدد وقت إسلامه ، وأن الإمام أراد قتله كما ذكر في الثانية في حين لم يذكر ذلك في الأولى ، وأنه من المقتطفة الثانية قرأ فكرة الوصاية في التوراة في حين في الأولى لم يذكر مصدر فكرة الوصاية فلنحفظ هذا لنرى ما بين المقتطفات من فروق وخصائص قد تتضارب .

    2 - محمد فريد وجدي في دائرة المعارف ، قال : السبائية أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في الانتصار لعلي وزعم أنه كان نبيا ثم غلا فزعم أنه الله ودعا إلى ذلك قوما من أهل الكوفة فاتصل خبرهم بعلي فأمر بإحراق قوم منهم ، ثم خاف من إحراق الباقين أن ينتقض عليه قوم فنفى

    ( 1 ) تاريخ المذاهب الإسلامية ج1 ص 32 .
    ( 2 ) تاريخ المذاهب الإسلامية ج1 ص 43 . ( * )

    - ص 133 -


    ابن سبأ للمدائن ، فلما قتل علي زعم ابن سبأ أنه ليس المقتول عليا وإنما هو شيطان صور على صورته وهذه الطائفة تزعم أن المهدي المنتظر إنما هو علي ، وكان ابن السوداء في الأصل يهوديا من أهل الحيرة فأظهر الإسلام وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة ، فذكر لهم أنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصيا وأن عليا وصي محمد ( ص ) فلما سمعوا ذلك قالوا لعلي إنه من محبيك فرفع علي قدره وأجلسه تحت درجة منبره ثم بلغه عنه غلوه فيه فهم بقتله فنهاه عبد الله بن عباس فنفاه إلى المدائن ( 1 )

    وفي هذه المقتطفة : أنه من أهل الحيرة لا صنعاء ، وأنه ابن السوداء وأن الإمام عليا خدع به ، وأنه ادعى النبوة لعلي ، ثم ادعى له الألوهية وإلى هنا يمكن الجمع بين هذا الخلط العجيب ولكن كيف يمكن بعد ذلك أن نجمع بين كونه ينسب له الألوهية ثم يجعله وصيا لمحمد : أترك تقدير هذا إلى العقول الجبارة كمحمد فريد وجدي ونظائره ممن يقود خطى الجماهير في دروب الثقافة والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، ولا تستعجل أيها القارئ فستسمع أمورا أخرى من المقتطفات القادمة تصطدم مع ما مر .

    3 - أحمد عطية الله ، قال حفظه الله : ابن سبأ رأس الفرقة السبائية من الشيعة وهو عبد الله بن سبأ كان من يهود صنعاء وأظهر إسلامه في خلافة عثمان يعرف بابن السوداء انتقل إلى المدينة وبث فيها أقوالا وآراء منافية لروح الإسلام ونابعة من يهوديته ومن معتقدات فارسية كانت شايعة في اليمن ، برز في صورة المنتصر لحق علي ، وادعى أن لكل نبي وصيا ، وأن عليا وصي محمد ، كما ادعى أن في علي جزءا إلهيا ، طاف بأنحاء العراق ناشرا دعوته فطرده عبد الله بن عامر من البصرة فنزل الكوفة وأوغر صدور الناس على عثمان ، وانتقل إلى دمشق في ولاية معاوية وفيها التقى بأبي ذر الغفاري وحرضه على الثورة مدعيا أنه ليس من حق الأغنياء أن يقتنوا مالا ، وأخرج من الشام فنزل مصر فالتف حوله الناقمون على عثمان وفيهم محمد بن أبي

    ( 1 ) دائرة معارف القرن العشرين ج5 ص 17 فصاعدا . ( * )


    - ص 134 -


    بكر وأبو حذيفة ، ووضع على لسان علي أقوالا لم يقلها كادعاء علم الغيب وبعد استشهاد علي قال إنه لم يقتل وسيرجع وبذلك وضع فكرة الرجعة بين الشيعة ( 1 ) .

    وفي هذه المقتطفة التي رواها عطية الله أمور : منها : أن ابن سبأ جمع إلى عقائده اليهودية معتقدات أخرى فنقلها للتشيع ومنها الرجعة ولكن الرجعة هنا لعلي وليست لمحمد كما هي عند أبي زهرة ، ومنها أنه أعطى لعلي جزءا من الألوهية لا كلها ، حتى يمكن الجمع بين كونه جزء إله وبين كونه وصيا للنبي ( ص ) ، ومنها الكشف عن هذه الطاقات الهائلة عند ابن سبأ بحيث أن كل الثورات على عثمان ومعاوية كانت من فعله .

    4 - وبنفس هذا المضمون المتضارب كتب كل من أحمد أمين في فجر الإسلام ، ومحمد بن يحيى في التمهيد والبيان في مقتل عثمان والزركلي في الأعلام ( 2 ) .

    ولا أريد أن أطيل عليك فإن كل خلف يأخذ عن سلفه بدون تمحيص مما أدى إلى هذا الخلط والاضطراب في الروايات فهو في هذه الأخبار تارة من أهل الحيرة وأخرى من أهل صنعاء ، وهو عند ابن حزم والشهرستاني وغيرهما ابن السوداء ، بينما يذهب ابن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق والأسفرايني في كتابه التبصير في الدين أن ابن السوداء شخص آخر ليس عبد الله بن سبأ ( 3 ) .

    وهو في بعض هذه الروايات يدعي الرجعة للنبي ، وفي بعضها الآخر يدعي الرجعة لعلي وهو تارة يدعي بأن في علي جزءا من الألوهية وأخرى أنه إله كامل ، وفي هذه الروايات نجد عليا مرة يحرق الغلاة ولا يخاف ، وأخزى يخاف أن يحرق ابن السوداء مع أنه يهودي بسيط لا يأبه له أحد ، وهكذا نقع في هذا الخليط المضطرب ، وأهم هذه الأمور في نظرنا هو أنه مرة يكون داعيا لفضل علي

    ( 1 ) القاموس الإسلامي ج3 ص 222 .
    ( 2 ) أنظر فجر الإسلام ص 276 ، والتمهيد والبيان ص 96 ، والأعلام للزركلي ج4 ص 220 .
    ( 3 ) أنظر هامش منهاج السنة لابن تيمية ص 220 .


    - ص 135 -


    فقط وأخرى يكون محرضا على عثمان وواضعا لأهم عقائد الشيعة من وصية وعلم غيب للأئمة وقول بالرجعة ، وهذان الأمران هما روح الموضوع فإن من صنع فرية عبد الله بن سبأ رمى فيها عصفورين بحجر واحد وأراد هذين الأمرين :
    الأول : أن عثمان قتل بتحريض من السبائية لا أنه صنع أشياء نقم فيها عليه المسلمون واشتركوا في قتله وفيهم صحابة النبي مما ذكره التاريخ مفصلا بل كل ما في الأمر أن يهوديا حاقدا حرك المسلمين فانساقوا معه بغباء وبدون تفكير حتى ارتكبوا هذه الجناية وقتلوا الخليفة بدون أن يصدر منه ذنب .

    والثاني : أن عقائد الشيعة لا سند لها من الإسلام وإنما هي من هذا اليهودي العبقري عبد الله بن سبأ فالشيعة إذا يهود لا صلة لهم بالمسلمين .

    وعلى كل حال إن هذا الاضطراب في الصورة المرسومة لعبد الله بن سبأ أيقظ الباحثين ودفعهم لإلقاء الضوء على هذه الشخصية الأسطورية فأصحروا بآرائهم وكسروا الطوق وأعلنوا للناس زيف هذه الفرية التي لا سبيل للجمع بين أبعادها وأجزائها ، وبدأ الواقع يتضح رويدا رويدا والأهداف من وراء أسطورة ابن سبأ كشفت عن وجهها وسأذكر لك آراء كثير من النقاد بعد أن أذكر ما عندي في هذه المسألة لنصل إلى صورة واضحة في هذا الموضوع . رأينا في عبد الله بن سبأ إننا نرى أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية مخترعة وندلل على وهميتها بالأمور التالية :
    1 - الإختلاف في أنه هو ابن السوداء أم لا مع أن الذي قام بكل المصائب هو ابن السوداء ، وابن طاهر والإسفرايني يقولان إن ابن السوداء شخص آخر شارك عبد الله بن سبأ بمقالته .

    2 - الإختلاف في وقت ظهوره فالطبري وجماعة يصرحون بأنه ظهر أيام عثمان بينما يذهب جماعة آخرون إلى أنه ظهر أيام علي ( ع ) أو بعد موته ومن هؤلاء

    - ص 136 -


    سعد بن عبد الله الأشعري في كتابه المقالات ( 1 ) وابن طاهر في الفرق بين الفرق ( 2 ) وغيرهما كثير .

    3 - الإضطراب في الروايات في أصل دعوته فبينما رأينا الطبري وجماعة معه يقولون إن دعوته اقتصرت على الغلو في علي والانتصار لحقه وكل ما يدور حول علي فقط نجد جماعة من المتأخرين يذهبون ومعهم أسانيدهم طبعا إلى أنه كان في كل بلد له دعوة خاصة ، يقول محب الدين الخطيب بأسانيده التي ذكرها : ومن دهاء ابن سبأ ومكره أنه كان يبث في جماعة الفسطاط الدعوة لعلي ( ع ) وفي جماعة الكوفة الدعوة لطلحة ، وفي جماعة البصرة الدعوة للزبير ( 3 ) .

    4 - إن بعض الروايات ذكرت أنه كان مقتصرا على الإشادة بفضل علي ( ع ) فقط في حين ذهب آخرون إلى أنه كان يحرض على عثمان ويدس الدسائس وهو الذي دفع أبا ذر للثورة أما على معاوية أو على عثمان بروايات أخرى .

    5 - لم يعلل لنا واضعوا خرافة ابن سبأ لماذا سكت عنه عثمان وولاته مع أنهم ضربوا المعارضين بمنتهى الشدة والقسوة وهم من خيرة الصحابة كعمار وابن مسعود وغيرهم .

    6 - لماذا تخلو المصادر الصحيحة عن ذكر قصة ابن سبأ كالبلاذري وابن سعد وغيرهما ممن يعتد بتاريخهم .

    7 - إن رواية عبد الله بن سبأ رواها الوضاعون الكذابون كما أسلفنا فيما مر .

    8 - يساعد على أن الرواية موضوعة أنها ليست الوحيدة التي وضعت ضد الشيعة وإنما هي جزء من كل مما سنذكره لك فيما يأتي ونبرهن على كذبه . حتى تعرف أن قصة عبد الله بن سبأ خرجت من نفس المقلع ولنفس الهدف . والآن

    ( 1 ) المقالات والفرق ص 15 .
    ( 2 ) أنظر هامش منهاج السنة لابن تيمية ص 15 .
    ( 3 ) الإمام الصادق لأسد حيدر ج6 ص 237 . ( * )

    - ص 137 -


    لنستعرض آراء النقاد والباحثين في هذه القصة لنصل إلى الحقيقة .

    رأي طه حسين استعرض الدكتور طه حسين الصورة التي رسمت لابن سبأ ومزقها بعد تحليل دقيق وانتهى إلى أن ابن سبأ شخصية وهمية خلقها خصوم الشيعة ودعم رأيه بالأمور التالية :
    أولا : إن كل المؤرخين الثقاة لم يشيروا إلى قصة عبد الله بن سبأ ولم يذكروا عنها شيئا .

    ثانيا : إن المصدر الوحيد عنه هو سيف بن عمر وهو رجل معلوم الكذب ، ومقطوع بأنه وضاع .

    ثالثا : إن الأمور التي أسندت إلى عبد الله بن سبأ تستلزم معجزات خارقة لفرد عادي كما تستلزم أن يكون المسلمون الذين خدعهم عبد الله بن سبأ وسخرهم لمآربه وهم ينفذون أهدافه بدون اعتراض : في منتهى البلاهة والسخف .

    رابعا : عدم وجود تفسير مقنع لسكوت عثمان وعماله عنه مع ضربهم لغيره من المعارضين كمحمد بن أبي حذيفة ، ومحمد بن أبي بكر ، وعمار وغيرهم .

    خامسا : قصة الإحراق وتعيين السنة التي عرض فيها ابن سبأ للإحراق تخلو منها كتب التاريخ الصحيحة ولا يوجد لها في هذه الكتب أثر .

    سادسا : عدم وجود أثر لابن سبأ ولجماعته في واقعة صفين وفي حرب النهروان ، وقد انتهى طه حسين إلى القول : أن ابن سبأ شخص ادخره خصوم الشيعة للشيعة ولا وجود له في الخارج ( 1 ) ويشترك مع طه حسين كثير من

    ( 1 ) طه حسين الفتنة الكبرى فصل ابن سبأ ( * ) .


    - ص 138 -


    المستشرقين في وهمية وجود عبد الله بن سبأ ومنهم : آراء المستشرقين

    1 - الدكتور برناد لويس : قال : ولكن التحقيق قد أظهر أن هذا استباق للحوادث وأنه - أي ابن سبأ - صورة مثل بها في الماضي وتخيلها محدثوا القرن الثاني للهجرة من أحوالهم وأفكارهم السائدة حينئذ .

    2 - فلهوزن : ذهب إلى أن المؤامرة والدعوة والفعاليات المنسوبة لابن سبأ من اختلاق المتأخرين ، وقد محص النصوص ودرس الموضوع وقام بتحليل دقيق .

    3 - فريدليندر : اشترك مع فلهوزن وانتهى لنفس النتيجة معه .

    4 - كايتاني شك في وجود عبد الله بن سبأ وقال عما ينسب له من أعمال ضخمة ومؤامرة مثل هذه بهذا التفكير وهذا التنظيم لا يمكن أن يتصورها العالم العربي المعروف عام خمسة وثلاثين بنظامه القائم على سلطان الأبوة ، إنها تعكس أحوال العصر العباسي الأول بجلاء ( 1 ) .

    آراء إسلامية أخرى بابن سبأ

    هناك آراء أخرى في عبد الله بن سبأ تتراوح بين وجوده وعدم صلته بالشيعة ، وبين عدم التصديق بما ينسب إليه لأنه من غير الممكن صدور تلك الأعمال من شخص عادي ، وبين نسبة هذه الأعمال لشخص آخر سمي بابن السوداء فلنستمع لهذه الآراء .

    أ - محمد كرد علي قال في خطط الشام : أما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن مذهب التشيع من بدعة عبد الله بن

    ( 1 ) أنظر آراء المستشرقين المذكورة في نظرية الإمامة لأحمد محمود ص 37 . ( * )


    - ص 139 -


    سبأ المعروف بابن السوداء فهو وهم وقلة بتحقيق مذهبهم ، ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله ، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك علم مبلغ هذا القول من الصواب ( 1 ) .

    ب - الدكتور أحمد محمود صبحي في نظرية الإمامة قال : وليس ما يمنع أن يستغل يهودي الأحداث التي جرت في عهد عثمان ليحدث فتنة وليزيدها اشتعالا وليؤلب الناس على عثمان ، بل أن ينادي بأفكار غريبة ، ولكن السابق لأوانه أن يكون لابن سبأ هذا الأثر الفكري العميق فيحدث هذا الانشقاق العقائدي بين طائفة كبيرة من المسلمين ( 2 ) .

    ج‍ - الدكتوران علي الوردي وكامل الشيبي التقيا في الآتي : إن المقصود بابن السوداء عمار بن ياسر وقد رمزت له قريش بابن السوداء ولم تصرح باسمه لأن له ثقلا ومركزا بين الصحابة وكان على رأس الثائرين على عثمان ، فلم ترد قريش أن تضعه مقابل عثمان وبجانب علي لأنه يرجح كفة علي ويهبط بكفة عثمان فرمزوا له وسموه بابن السوداء لأن أمه أمة سوداء ولا وجود لابن سوداء غيره .

    إن رأي الدكتورين يلتقي مع رأي الأسفرايني ، وابن طاهر البغدادي الذي أشرنا إليه فيما مضى عند ذكرنا لتعيين هوية ابن سبأ .

    وبعد هذه الجولة من الآراء اتضح أنه لا وجود لابن سبأ لأن تسليمنا بوجوده يفضي إلى إلغاء عقولنا ، ولأن منهج البحث العلمي يأبى وجوده لأن مصادره مختلقة ، ولأن من خلقوا عبد الله بن سبأ خلقوا له أخوة من الادعاءات سنوقفك عليها قريبا وإن كانت ستهز مشاعرك وتدمر ثقتك بمن قد تعتبرهم من القمم في دنيا الإسلام ، ولأن الخوارق التي تنسب لابن سبأ لا يمكن تصديقها ، ولأن سكوت عثمان عنه عجيب مع أنه نفى أبا ذر للربذة مع أن أبا ذر من كبار

    ( 1 ) خطط الشام ج1 ص 251 .
    ( 2 ) نظرية الإمامة ص 37 ، وعاظ السلاطين ص 279 والصلة بين التصوف والتشيع ص 84 . ( * )


    - ص 140 -


    الصحابة لأن أبا ذر كان له رأي في البذخ في أموال المسلمين أيام عثمان ، فلماذا هذا الحلم عن ابن سبأ ، ولأن عليا وهو الخشن في ذات الله لماذا سكت عن ابن سبأ ولم يحرقه كغيره ، ولأن معاوية وهو الذي يقتل على التهمة والظنة كيف سكت عن ابن سبأ والحال هو الذي دفع بسر للغارة على خصومه وأدت الغارة إلى قتل ثلاثين ألفا من الناس ( 1 ) إن كل هذه الأمور تجعل حديث ابن سبأ حديث خرافة ، وإنما اختراع لما ذكرنا سابقا ليصنع منه مصدرا لعقائد الشيعة كلها كما جعله مصدرا لعقائد الشيعة كل من محيي الدين عبد الحميد في تعليقته على كتاب مقالات الإسلاميين وعلي سامي النشار في كتابه نشأة الفكر الفلسفي ( 2 ) وما كان كل من النشار ومحيي الدين عبد الحميد بالذي يجهل عقائد الشيعة أو لا يهتدي إلى مصادرها وبين أيديهما من المصادر ما ينهض بالمطلوب وأمام بصرهما من الممارسات العقائدية ما هو واضح في تجسيد عقائد الشيعة ومع ذلك كله كتبا عن الشيعة ما لا يجتمع وأمانة التاريخ وروح الإسلام ولا ينبغي أن يفت في عضد المصلحين أمثال هؤلاء ممن هم على أحسن الفروض أصداء بلهاء لغيرهم وإلا فعلامات الاستفهام موجودة إزاء ما كتباه ، في حين يؤكد الكتاب الموضوعيون أن حديث ابن سبأ خرافة .

    يقول أحمد عباس الصالح : عبد الله بن سبأ رجل خرافي بغير شك فأنى هو من هذه الأحداث جميعا وساذج بغير شك الذي يتجه إلى خلق شخصية كهذا ليعطيها أثرا أي أثر فيما حدث من الأحداث إن كل ما حيك من قصص حول عبد الله بن سبأ من وضع المتأخرين فلا دليل على وجوده في المراجع ( 3 ) .

    ( 1 ) مروج الذهب للمسعودي ج3 ص 30 . ( 2 ) نشأة الفكر الفلسفي ص 28 . ( 3 ) مجلة الكاتب عدد آذار 1965 . ( * )

     
  13. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    لماذا تنسب الشيعة لابن سبأ

    في الإجابة على هذا السؤال يكمن مركز الثقل في قصة عبد الله بن سبأ كلها ، فإن الفكر الشيعي في الإمامة وما يلحق بها والمواقف المتساجلة بين فرق المسلمين من الشيعة وغيرهم ، إذا شدت إلى جذرها من أدلتها من الكتاب والسنة فقد يختل الميزان لأن فكرة الوصية ، والعصمة ، وغيرهما تبعد عن الحكم - في نظر الشيعة - من لا تتوفر فيه هذه الشروط وتلك هي الطامة الكبرى ، وأي فكر أخطر من هذا الفكر ، فلم لا يربط فكر الشيعة بجذر يهودي وتخترع له شخصية تكون كبش الفداء فيلقى اللوم عليها وعلى الذين أخذوا عنها ويشار إليهم بأنهم مارقون ألغموا تاريخ الأمة ودسوا في عقائدها عقائد غريبة عن الإسلام وهكذا صنع عبد الله بن سبأ ولو كان صنعه على حساب الحقيقة وعلى رغم أنف العقول والمقاييس .

    وبالإضافة لما ذكرنا هناك سبب آخر دفع إلى خلق عبد الله بن سبأ أشار إليه الدكتور أحمد محمود صبحي وذلك بعد أن استعرض آراء الدكتور طه حسين في وهمية وجود عبد الله بن سبأ .

    قال الدكتور أحمد صبحي : ويبدو أن مبالغة المؤرخين وكتاب الفرق في حقيقة الدور الذي قام به ابن سبأ يرجع إلى سبب آخر غير ما ذكره الدكتور طه حسين ، فلقد حدثت في الإسلام أحداث سياسية ضخمة كمقتل عثمان ثم حرب الجمل وقد شارك فيها

    - ص 142 -


    كبار الصحابة وزوجة الرسول ، وكلهم يتفرقون ويتحاربون وكل هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي ، أن يبتلي تاريخ الإسلام هذه الابتلاءات ويشارك فيها كبار الصحابة الذين حاربوا مع رسول الله ( ص ) وشاركوا في وضع أسس الإسلام ، كان لا بد أن تلقى مسؤولية هذه الأحداث الجسام على كاهل أحد ، ولم يكن من المعقول أن يحتمل وزر ذلك كله صحابة أجلاء أبلوا مع رسول الله ( ص ) بلاء حسنا ، فكان لا بد أن يقع عبء ذلك كله على ابن سبأ فهو الذي أثار الفتنة التي أدت لقتل عثمان ، وهو الذي حرض الجيشين يوم الجمل على الالتحام على حين غفلة من علي وطلحة والزبير ، أما في التاريخ الفكري فعلى عاتقه يقع أكبر انشقاق عقائدي في الإسلام بظهور الشيعة ، هذا هو تفسير مبالغة كتاب الفرق وأصحاب المذاهب لا سيما السلفيين والمؤرخين : في حقيقة الدور الذي قام به ابن سبأ .

    ولكن أليس عجيبا أيضا أن يعبث دخيل في الإسلام كل هذا العبث فيحرك تاريخ الإسلام السياسي والعقائدي على النحو الذي تم عليه وكبار الصحابة شهود ( 1 ) .

    وبعد هذه الإلمامة بملابسات موضوع عبد الله بن سبأ التي انتهينا منها إلى مسك طرف الخيط فيما نظن ألا وهو ربط عقائد الشيعة بعبد الله بن سبأ وما أسندوه إليه من عقائد الشيعة ولنتبين مصدرها الإسلامي وبذلك نكتفي عن الإصرار على وجود ابن سبأ أو عدم وجوده لأنه قد ثبت أن هذه العقائد مصدرها الإسلام فلا يبقى بعد ذلك قيمة لعدم وجود ابن سبأ أو لوجوده ، لنبدأ من ذلك بموضوع الوصية .

    1 - الإمام علي وصي النبي ( ص ) : قلنا فيما سبق أن من أحكام الإسلام ضرورة أن يوصي الإنسان قبل موته بما يريد التصرف به بعد موته فيما من أمور مادية ، وذكرنا أن سيرة النبي ( ص ) أنه كان لا يخرج من المدينة في سفرة ولو ليوم واحد حتى يستخلف على

    ( 1 ) نظرية الإمامة ص 39 . ( * )


    - ص 143 -


    المدينة ، فكيف يترك أمر هذه الأمة من بعده سدى ويعرضها إلى الفتن دون أن يوصي أو يرشح للأمر شخصا من بعده ، وبما أن هذه المسألة قد أشبعتها أقلام الباحثين من مختلف الفرق الإسلامية فلا أريد العودة إلى ما دار حولها ، وكل ما يعنيني هنا أن أبين أن مسألة الوصية مصدرها القرآن والسنة ، أما القرآن فقد أشرك عليا بالولاية العامة وجعل إمامته امتدادا للنبوة حين تختم النبوة بموت الرسول فقال تعالى : * ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) * وقد ذكرنا نزول هذه الآية في علي ( ع ) وما يترتب عليها من لوازم في مكان آخر من هذا الكتاب ، وأما السنة الشريفة فإن الروايات المعتبرة متظافرة بأن رسول الله ( ص ) نص على علي بالوصية في أكثر من مورد ، ومن تلك الموارد :
    لما نزل عليه قوله تعالى : * ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) * الشعراء / 214 ، فجمع أقاربه وعددهم أربعون على فخذ شاة وطلب منهم أن يؤازروه على الدعوة فلم يقم إليه إلا علي فأخذ برقبته وقال : هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ( 1 ) .
    فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .

    هذا وقد ذكر ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة فصلا ممتعا في موضوع وصاية الإمام علي ( ع ) للنبي وأشبع الموضوع وبوسع القارئ الرجوع إليه ، وها أنت قد سمعت أن الوصية جاءت على لسان النبي ( ص ) لفظا ومعنى ومع ذلك ترى هؤلاء يقولون إن موضوع الوصية اخترعه عبد الله بن سبأ وستسمع لو قلت لهم إن الوصية لها مصادرها من السنة : من يقول لك هذه أحاديث دسها الشيعة على لسان السنة .

    2 - العصمة : موضوع العصمة موضوع مهم في الفكر الشيعي خاصة والإسلامي عامة

    ( 1 ) أنظر تاريخ الطبري ج2 ص 216 ، وتاريخ ابن الأثير ج2 ص 28 ، وتفسير الدر المنثور للسيوطي ج45 ص 97 طبعة أوفست . ( * )


    - ص 144 -


    وسأضطر للإطالة فيه لأنه يرتبط بأمور هامة لا بد من التعريف عليها .

    فالعصمة لغة هي المنع ومنه قوله تعالى : * ( سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ) * سورة هود / 43 . أما في الاصطلاح الكلامي فالعصمة : لطف يفعله الله تعالى بالمكلف لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك ( 1 ) .

    وواضح من هذا التعريف أن العصمة لا إلجاء فيها وإنما هي مجدد مدد من الله تعالى واستعداد من العبد ، فهي أشبه شئ بأستاذ يقبل على تلميذه لأنه وجد عند التلميذ استعدادا أكثر من غيره لتلقي العلم .

    وقد أجمعت الأمة الإسلامية على عصمة الأنبياء عن تعمد الكذب فيما يبلغونه عن الله تعالى واختلفوا بعد ذلك في صدور ما ينافي العصمة منهم على سبيل السهو أو النسيان سواء كانت أدلتهم في ذلك سمعية أو عقلية ، على صدور أو عدم صدور ما ينافي العصمة ذهب بعض أئمة السنة إلى جواز وقوع كل ذنب منهم صغيرا كان أو كبيرا حتى الكفر وبوسع القارئ الرجوع إلى آراء الباقلاني والرازي والغزالي مفصلا في نظرية الإمامة ( 2 ) بينما البعض الآخر فصل في ذلك ولم بصل إلى هذا الحد في تجريدهم من العصمة .

    أما الشيعة فقد ذهبوا إلى عصمة الأنبياء مطلقا قبل البعثة وبعدها ( 3 ) وقد ساقوا لذلك أدلة كثيرة .

    وقد تعرض الفخر الرازي في كتابه عصمة الأنبياء وكذلك الشيخ المجلسي في البحار مفصلا لذلك والذي يهمني هنا عصمة الأئمة لأنها موضع البحث ، إن عصمة الأئمة أمر مفروغ منه عند الشيعة وقد أثبتها الشيعة للإمام بأدلة من العقل والنقل أقتصر على ذكر بعضها وبوسع طالب المزيد أن يرجع إلى الكتب والبحوث المطولة في ذلك .

    ( 1 ) توفيق التطبيق للكيلاني ص 16 . ( 2 ) نظرية الإمامة ص 111 و 112 . ( 3 ) معالم الفلسفة لمغنية ص 193 . ( * )

     
  14. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف


    والبداء عند الشيعة بمعنى الإظهار لا بمعنى أن الله يعلم بعد جهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، أي أن علم الله تعالى تعلق بوقوع أمر في الخارج ولكن بشرط موقوفيته على عدم تعلق مشيئة الله تعالى بخلافه . وهذا هو مورد البداء ومحل البداء من أقسام القضاء الإلهي

    موقع البداء عند الشيعة:
    ثم إن البداء الذي تقول به الشيعة الإمامية إنما يقع في القضاء غير المحتوم، أما المحتوم منه فلا يتخلف، ولا بد من أن تتعلق المشيئة بما تعلق به القضاء، وتوضيح ذلك أن القضاء على ثلاثة أقسام:
    أقسام القضاء الالهي:
    الأول: قضاء الله الذي لم يطلع عليه أحدا من خلقه، والعلم المخزون الذي استأثر به لنفسه، ولا ريب في أن البداء لا يقع في هذا القسم، بل ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن البداء إنما ينشأ من هذا العلم.
    روى الشيخ الصدوق في "العيون" بإسناده، عن الحسن بن محمد النوفلي أن الرضا (عليه السلام) قال لسليمان المروزي:
    "رويت عن أبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: إن لله عز وجل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء، وعلما علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه..."(1).
    وروى الشيخ محمد بن الحسن الصفار في "بصائر الدرجات" بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
    "إن لله علمين: علم مكنون محزون لا يعلمه إلا هو، من ذلك
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) عيون أخبار الرضا: 2 / 159، باب 13 في ذكر مجلس الرضا مع سليمان المروزي، راجع البحار: 954، با ب 3، الحديث: 2.

    ــ[386]ــ

    يكون البداء وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه، ونحن نعلمه"(1).
    الثاني: قضاء الله الذي أخبر نبيه وملائكته بأنه سيقع حتما، ولا ريب في أن هذا القسم أيضا لا يقع فيه البداء، وإن افترق عن القسم الأول، بأن البداء لا ينشأ منه.
    قال الرضا (عليه السلام) لسليمان المروزي - في الرواية المتقدمة عن الصدوق -:
    "إن عليا (عليه السلام) كان يقول: العلم علمان، فعلم علمه الله ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فانه يكون، ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده محزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء"(2).
    وروى العياشي عن الفضيل، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: "من الأمور أمور محتومة جائية لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، لم يطلع على ذلك أحدا ـ يعني الموقوفة ـ فأما ما جاءت به الرسل فهي كائنة لا يكذب نفسه، ولا نبيه، ولا ملائكته"(3).
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) بصائر الدرجات: 2 / 109، باب 21 الحديث: 2، ورواه الشيخ الكليني عن أبي بصير أيضا، راجع الكافي: 1 / 147، الحديث: 8. وبحار الأنوار: 4 / 109، باب 3، رقم الحديث: 27.
    (2) عيون أخبار الرضا: باب 13 ورواه الشيخ الكليني عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام)، الكافي: 1 / 147، رقم الحديث:6.
    (3) راجع الكافي: 1 / 147، الحديث: 7.

    ــ[387]ــ

    الثالث: قضاء الله الذي أخبر نبيه وملائكته بوقوعه في الخارج إلا أنه موقوف على أن لا تتعلق مشيئة الله بخلافه. وهذا القسم هو الذي يقع فيه البداء:
    {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب 13: 39. لله الأمر من قبل ومن بعد}(29: 4).
    وقد دلت على ذلك روايات كثيرة منها هذه:
    1 ـ ما في "تفسير علي بن إبراهيم" عن عبدالله بن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
    "إذا كان ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا، فيكتبون ما يكون من قضاء الله تعالى في تلك السنة، فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أو يؤخره، أو ينقص شيئا أمر الملك أن يمحو ما يشاء، ثم أثبت الذي أراده. قلت: وكل شيء هو عند الله مثبت في كتاب؟ قال: نعم. قلت: فأي شيء يكون بعده؟ قال: سبحان الله، ثم يحدث الله أيضا ما يشاء تبارك وتعالى"(1).
    2 ـ ما في تفسيره أيضا، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي جعفر وأبي عبدالله وأبي الحسن (عليهم السلام) في تفسير قوله تعالى:
    {فيها يفرق كل أمر حكيم}(44: 4).
    "أي يقدر الله كل أمر من الحق ومن الباطل، وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشيئة. يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) نقلا عن البحار: راجع البحار: 4 / 99، باب 3، رقم الحديث: 9، و97 / 12، باب 53، الحديث: 18.

    ــ[388]ــ

    الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء.." (1).
    3 ـ ما في كتاب "الاحتجاج" عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن قال:
    "لولا آية في كتاب الله، لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية: يمحو الله..."(2).
    وروى الصدوق في الأمالي والتوحيد بإسناده عن الأصبغ عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) مثله.
    4 ـ ما في "تفسير العياشي" عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
    "كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: لولا آية في كتاب الله لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة. فقلت: أية آية؟ قال: قول الله: يمحو الله..." (3).
    5 ـ ما في "قرب الإسناد" عن البزنطي عن الرضا (عليه السلام) قال:
    قال أبوعبدالله، وأبو جعفر، وعلي بن الحسين، والحسين بن علي، والحسن بن علي، وعلي بن أبي طالب(عليهم السلام): "لولا آية في كتاب الله لحدثناكم بما يكون إلى أن تقوم الساعة: يمحو الله..."(4).
    إلى غير ذلك من الروايات الدالة على وقوع البداء في القضاء الموقوف.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) نفس المصدر ص 134.
    (2) الاحتجاج للطبرسى: ص 137 المطبعة المرتضوية ـ النجف الأشرف.
    (3) تفسير العياشي: 2/ 215 الحديث: 59. راجع بحار الأنوار: 4 / 118، باب 3، رقم الحديث 52.
    (4) قرب الاسناد: ص 353، رقم الحديث: 1266. نفس المصدر ص 97، باب 3، الحديث: 5.

    ــ[389]ــ

    وخلاصة القول: ان القضاء الحتمي المعبر عنه باللوح المحفوظ، وبأم الكتاب، والعلم المخزون عند الله يستحيل أن يقع فيه البداء. وكيف يتصور فيه البداء؟ وأن الله سبحانه عالم بجميع الأشياء منذ الأزل، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
    روى الصدوق في "إكمال الدين" بإسناده، عن أبي بصير وسماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
    "من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شيء اليوم لم يعلمه أمس فابرؤوا منه"(1).
    وروى العياشي، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول:
    "إن الله يقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء وعنده أم الكتاب، وقال: فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، وليس شيء يبدو له إلا وقد كان في علمه، إن الله لا يبدو له من جهل"(2).
    وروى أيضا عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام):
    "سئل عن قول الله: يمحو الله... قال: إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت، فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء، وذلك الدعاء مكتوب عليه الذي يرد به القضاء، حتى إذا صار إلى أم الكتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا"(3).
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) إكمال الدين: ص 70.
    (2) تفسير العياشي: 2 / 218، الحديث: 71.
    (3) نفس المصدر: 2 / 220، الحديث 74.

    ــ[390]ــ

    وروى الشيخ الطوسي في "كتاب الغيبة" بإسناده عن البزنطي، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال علي بن الحسين، وعلي بن أبي طالب قبله، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (عليهم السلام):
    "كيف لنا بالحديث مع هذه الآية {يمحو الله...} فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد كونه فقد كفر وخرج عن التوحيد"(1).
    والروايات المأثورة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن الله لم يزل عالما قبل أن يخلق الخلق(2)، فهي فوق حد الإحصاء، وقد اتفقت على ذلك كلمة الشيعة الإمامية طبقا لكتاب الله وسنة رسوله، جريا على ما يقتضيه حكم العقل الفطري الصحيح.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) كتاب الغيبة: ص 430، الحديث: 240. وروى الشيخ الكليني بإسناده عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له" الكافي: 1 / 148، الحديث: 9.
    (2) الكافي: 1 / 108، الحديث: 6 و 1 / 148، الحديث: 11. و

    ثمرة الاعتقاد بالبداء:
    والبداء: إنما يكون في القضاء الموقوف المعبر عنه بلوح المحو والإثبات، والالتزام بجواز البداء فيه لا يستلزم نسبة الجهل إلى الله سبحانه وليس في هذا الالتزام ما ينافي عظمته وجلاله.
    فالقول بالبداء: هو الاعتراف الصريح بأن العالم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه، وإن إرادة الله نافذة في الأشياء أزلا وأبدا، بل وفي القول بالبداء يتضح الفارق بين العلم الإلهي وبين علم المخلوقين، فعلم المخلوقين - وإن كانوا أنبياء أو أوصياء - لا يحيط بما أحاط به علمه تعالى، فان بعضا منهم إن كان عالما - بتعليم

    ــ[391]ــ

    الله إياه - بجميع عوالم الممكنات لا يحيط بما أحاط به علم الله المخزون الذي استأثر به لنفسه، فإنه لا يعلم بمشيئة الله تعالى - لوجود شيء - أو عدم مشيئته إلا حيت يخبره الله تعالى به على نحو الحتم.
    والقول بالبداء: يوجب انقطاع العبد إلى الله وطلبه إجابة دعائه منه وكفاية مهماته، وتوفيقه للطاعة، وإبعاده عن المعصية، فإن إنكار البداء والالتزام بأن ما جرى به قلم التقدير كائن لا محالة - دون استثناء - يلزمه يأس المعتقد بهذه العقيدة عن إجابة دعائه، فإن ما يطلبه العبد من ربه إن كان قد جرى قلم التقدير بإنفاذه فهو كائن لا محالة، ولا حاجة إلى الدعاء والتوسل، وإن كان قد جرى القلم بخلافه لم يقع أبدا، ولم ينفعه الدعاء ولا التضرع، وإذا يئس العبد من إجابة دعائه ترك التضرع لخالقه، حيث لا فائدة في ذلك، وكذلك الحال في سائر العبادات والصدقات التي ورد عن المعصومين (عليهم السلام) أنها تزيد في العمر أو في الرزق أو غير ذلك مما يطلبه العبد.
    وهذا هو سر ما ورد في روايات كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) من الاهتمام بشأن البداء.
    فقد روى الصدوق في كتاب "التوحيد" بإسناده، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال:
    "ما عبد الله عزوجل بشيء مثل [افضل من] البداء"(1).
    وروى باسناده، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
    "ما عظم الله عز وجل بمثل البداء"(2).
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) و (2) التوحيد: ص 331 ـ 333 باب 54، البداء، الحديث 1 و 2. راجع الكافي: 1 / 146، الحديث 1.

    ــ[392]ــ

    وروى باسناده، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
    "ما بعث الله عزوجل نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار بالعبودية وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء"(1).
    والسر في هذا الاهتمام: أن إنكار البداء يشترك بالنتيجة مع القول بأن الله غير قادر على أن يغير ما جرى عليه قلم التقدير. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فإن كلا القولين يؤيس العبد من إجابة دعائه، وذلك يوجب عدم توجهه في طلباته إلى ربه.
    حقيقة البداء عند الشيعة:
    وعلى الجملة: فان البداء بالمعنى الذي تقول به الشيعة الإمامية هو من الإبداء الاظهار حقيقة، وإطلاق لفظ البداء عليه مبني على التنزيل والإطلاق بعلاقة المشاكلة. وقد اطلق بهذا المعنى في بعض الروايات من طرق أهل السنة.
    روى البخاري بإسناده عن أبي عمرة، أن أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
    "إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأعمى وأقرع، بدا لله عزوجل أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص..."(2).
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) التوحيد: 333، الحديث: 3. راجع الكافي: 1 / 147، الحديث: 3.
    (2) صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث 3205 وصحيح مسلم: كتاب الزهد والرقائق، رقم الحديث: 5265.

    ــ[393]ــ

    وقد وقع نظير ذلك في كثير من الاستعمالات القرآنية، كقوله تعالى:
    {الآن علم الله أن فيكم ضعفا}(8: 66).
    وقوله تعالى:
    {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}(12:8).
    وقوله تعالى:
    {لنبلوهم أيهم أحسن عملا}(8 : 7).
    وما أكثر الروايات من طرق أهل السنة في أن الصدقة والدعاء يغيران القضاء(1).
    أما ما وقع في كلمات المعصومين (عليهم السلام) من الإنباء بالحوادث المستقبلة فتحقيق الحال فيها: أن المعصوم متى ما أخبر بوقوع أمر مستقبل على سبيل الحتم والجزم ودون تعليق، فذلك يدل أن ما أخبر به مما جرى به القضاء المحتوم وهذا هو القسم الثاني "الحتمي" من أقسام القضاء المتقدمة. وقد علمت أن مثله ليس موضعا للبداء، فإن الله لا يكذب نفسه ولا نبيه. ومتى ما أخبر المعصوم بشيء معلقا على أن لا تتعلق المشيئة الإلهية بخلافه، ونصب قرينة متصلة أو منفصلة على ذلك فهذا الخبر إنما يدل على جريان القضاء الموقوف الذي هو موضع البداء. والخبر الذي أخبر به المعصوم صادق وإن جرى فيه البداء، وتعلقت المشيئة الإلهية بخلافه. فإن الخبر – كما عرفت - منوط بأن لا تخالفه المشيئة.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) انظر التعليقة رقم (11) للوقوف على روايات تفيد أن الدعاء يغير القضاء ـ في قسم التعليقات.

    ــ[394]ــ

    وروى العياشي، عن عمرو بن الحمق قال:
    "دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ضرب على قرنه، فقال لي: يا عمرو إني مفارقكم، ثم قال: سنة السبعين فيها بلاء... فقلت: بأبي أنت وأمي قلت: إلى السبعين بلاء، فهل بعد السبعين رخاء؟ قال: نعم يا عمرو إن بعد البلاء رخاء.." وذكر آية {يمحو الله…}" (1).
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) تفسير العياشي: 2 / 217، رقم الحديث: 68.
     
  15. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    الإلهيات


    5 - عقيدتنا في الله تعالى

    نعتقد إن الله تعالى واحد أحد ليس كمثله شئ ، قديم لم يزل ولا يزال ، هو الأول والآخر ، عليم حكيم عادل حي قادر غني سميع بصير .


    ولا يوصف بما توصف به المخلوقات ، فليس هو بجسم ولا صورة ، وليس جوهرا ولا عرضا ، وليس له ثقل أو خفة ، ولا حركة أو سكون ، ولا مكان ولا زمان ، ولا يشار إليه . كما لا ند له ، ولا شبه ، ولا ضد ، ولا صاحبة له ولا ولد ، ولا شريك ، ولم كين له كفوا أحد . لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار .


    ومن قال بالتشبيه في خلقه بأن صور له وجها ويدا وعينا ، أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا ، أو أنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر ، ( أو نحو ذلك ) فإنه بمنزلة الكافر به جاهل بحقيقة الخالق المنزه عن النقص ، بل كل ما ميزناه بأوهامنا في أدق

    معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا ( على حد تعبير الإمام الباقر عليه السلام ) وما أجله من تعبير حكيم ! وما أبعده من مرمى علمي دقيق ! وكذلك يلحق بالكافر من قال إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة ، وإن نفى عنه التشبيه بالجسم لقلقة في اللسان ، فإن أمثال هؤلاء المدعين


    - ص 37 -


    جمدوا على ظواهر الألفاظ في القرآن الكريم أو الحديث ، وأنكروا عقولهم وتركوها وراء ظهورهم . فلم يستطيعوا أن يتصرفوا بالظواهر حسبما يقتضيه النظر والدليل وقواعد الاستعارة والمجاز .


    6 - عقيدتنا في التوحيد

    ونعتقد بأنه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات ، فكما يجب توحيده في الذات ونعتقد بأنه واحد في ذاته ووجوب وجوده ،


    كذلك يجب - ثانيا - توحيده في الصفات ، وذلك بالاعتقاد بأن صفاته عين ذاته كما سيأتي بيان ذلك ، وبالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية ، فهو في العلم والقدرة لا نظير له وفي الخلق والرزق لا شريك له وفي كل كمال لا ند له .


    وكذلك يجب - ثالثا - توحيده في العبادة فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه ، وكذا إشراكه في العبادة في أي نوع من أنواع العبادة ، واجبة أو غير واجبة ، في الصلاة وغيرها من العبادات .


    ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك كمن يرائي في عبادته ويتقرب إلى غير الله تعالى ، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان ، لا فرق بينهما .


    أما زيارة القبور وإقامة المآتم فليست هي من نوع التقرب إلى غير الله تعالى في العبادة ، كما توهمه بعض من يريد الطعن في طريقة الإمامية ، غفلة عن حقيقة الحال فيها ، بل هي من نوع التقرب إلى الله


    - ص 38 -


    تعالى بالأعمال الصالحة كالتقرب إليه بعيادة المريض وتشييع الجنائز وزيارة الأخوان في الدين ومواساة الفقير ، فإن عيادة المريض - مثلا - في نفسها عمل صالح يتقرب به العبد إلى الله تعالى . وليس هو تقربا إلى المريض يوجب أن يجعل عمله عبادة لغير الله تعالى أو الشرك في عبادته .


    وكذلك باقي أمثال هذه الأعمال الصالحة التي منها زيارة القبور ، وإقامة المآتم ، وتشييع الجنائز ، وزيارة الأخوان . أما كون زيارة القبور وإقامة المآتم من الأعمال الصالحة الشرعية فذلك يثبت في علم الفقه وليس هنا موضع إثباته .

    والغرض أن إقامة هذه الأعمال ليست من نوع الشرك في العبادة كما يتوهمه البعض . وليس المقصود منها عبادة الأئمة ، وإنما المقصود منها إحياء أمرهم ، وتجديد ذكرهم ، وتعظيم شعائر الله فيهم ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .

    فكل هذه أعمال صالحة ثبت من الشرع استحبابها ، فإذا جاء الانسان متقربا بها إلى الله تعالى طالبا مرضاته ، استحق الثواب منه ونال جزاءه .


    7 - عقيدتنا في صفاته تعالى

    ونعتقد أن من صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية التي تسمى بصفات ( الجمال والكمال ) ، كالعلم والقدرة والغنى والإرادة والحياة - هي


    - ص 39 -


    كلها عين ذاته ليست هي صفات زائدة عليها ، وليس وجودها إلا وجود الذات ، فقدرته من حيث الوجود حياته .


    وحياته قدرته ، بل هو قادر من حيث هو حي ، وحي من حيث هو قادر ، لا اثنينية في صفاته ووجودها وهكذا الحال في سائر صفاته الكمالية .


    نعم هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها ، لا في حقائقها ووجوداتها ، لأنه لو كانت مختلفة في الوجود وهي بحسب الفرض قديمة وواجبة كالذات للزم تعدد واجب الوجود ولانثلمت الوحدة الحقيقية ، وهذا ما ينافي عقيدة التوحيد .


    وأما الصفات الثبوتية الإضافية كالخالقية والرازقية والتقدم والعلية فهي ترجع في حقيقتها إلى صفة واحدة حقيقية وهي القيومية لمخلوقاته وهي صفة واحدة تنتزع منها عدة صفات باعتبار اختلاف الآثار والملاحظات .


    وأما الصفات السلبية التي تسمى بصفات ( الجلال ) ، فهي ترجع جميعها إلى سلب واحد هو سلب الإمكان عنه ، فإن سلب الإمكان لازمة بل معناه سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون والثقل والخفة وما إلى ذلك ، بل سلب كل نقص .


    ثم إن مرجع سلب الإمكان في الحقيقة إلى وجوب الوجود ، ووجوب الوجود من الصفات الثبوتية الكمالية ، فترجع الصفات الجلالية ( السلبية ) آخر الأمر إلى صفات الكمالية ( الثبوتية ) .


    والله تعالى واحد من جميع الجهات لا تكثر في ذاته المقدسة ولا تركيب في حقيقة الواحد الصمد . ولا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى رجوع الصفات الثبوتية


    - ص 40 -


    إلى الصفات السلبية لما عز عليه أن يفهم كيف أن صفاته عين ذاته فتخيل أن الصفات الثبوتية ترجع إلى السلب ليطمئن إلى القول بوحدة الذات وعدم تكثرها ، فوقع بما هو أسوأ ، إذ جعل الذات التي هي عين الوجود ومحض الوجود والفاقدة لكل نقص وجهة إمكان ، جعلها عين العدم ومحض السلب أعاذنا الله من شطحات الأوهام وزلات الأقلام .


    كما لا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى أن صفاته الثبوتية زائدة على ذاته فقال بتعدد القدماء ووجود الشركاء لواجب الوجود ، أو قال بتركيبه تعالى عن ذلك ، قال مولانا أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليه السلام : ( وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه ، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصفه سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثناه ، ومن ثناه جزأه ، ومن جزأه فقد جهله . . . )
     
  16. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    القول بتحريف القرآن




    هذا القول في حدّ ذاته شنيع لا يتحمّله مسلم آمن برسالة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، سواء كان شيعياً أم سنياً; لأنّ القرآن الكريم تكفّل ربّ العزّة والجلالة بحفظه، فقال عزّ من قائل: { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }(1)، فلا يمكن لأحد أن يُنقّص منه أو يزيد فيه حرفاً واحداً، وهو معجزة نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) الخالدة، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

    والواقع العملي للمسلمين يرفض تحريف القرآن; لأن كثيراً من الصحابة كانوا يحفظونه عن ظهر قلب، وكانوا يتسابقون في حفظه وتحفيظه إلى أولادهم على مرّ الأزمنة حتّى يومنا الحاضر، فلا يمكن لإنسان ولا لجماعة ولا لدولة أن يُحرّفوه أو يبدّلوه.

    ولو جُبناً بلاد المسلمين شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وفي كلّ بقاع الدنيا، فسوف نجد نفس القرآن بدون زيادة ولا نقصان، وإن اختلف

    ____________

    1- الحجر: 9.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 368
    --------------------------------------------------------------------------------

    المسلمون إلى مذاهب وفرق وملل ونحل، فالقرآن هو الحافز الوحيد الذي يجمعهم ولا يختلف فيه من الأمّة اثنان، إلاّ ما كان من التفسير أو التأويل، فكلّ حزب بما لديهم فرحُون.

    وما يُنْسبُ إلى الشيعة إلى القول بالتحريف، هو مجرّد تشنيع وتهويل وليس له في معتقدات الشيعة وجود.

    وإذا ما قرأنا عقيدة الشيعة في القرآن الكريم فسوف نجد إجماعهم على تنزيه كتاب اللّه من كلّ تحريف.

    يقول صاحب كتاب عقائد الإماميّة الشيخ المظفّر: "نعتقد أنّ القرآن هو الوحي الإلهي المنزّل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم، فيه تبيان كلّ شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزتْ البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزّل على النبي، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلّهم على غير هدى فإنّه كلام اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"(1) (انتهى كلامه).


    ____________

    1- عقائد الإمامية: 62.

    ويدلّ على عدم وقوع التحريف ـ سوى العمومات أمثال حديث الثقلين وأحاديث العرض على الكتاب ـ قول علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: "كتاب ربكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه... ".

    وما قاله الإمام الباقر (عليه السلام) كما في الكافي 8: 53 "... وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده..."، فالمراد من إقامة الحروف هو حفظها عن التغيير والتبديل والزيادة والنقصان.

    وهذان الحديثان يدلاّن بكل صراحة على نفي التحريف.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 369
    --------------------------------------------------------------------------------

    وبعد هذا فكلّ بلاد الشيعة معروفة، وأحكامهم في الفقه معلومة لدى الجميع، فلو كان عندهم قرآن غير الذي عندنا لعلمه الناس، وأتذكّر أنّي عندما زرتُ بلاد الشيعة للمرّة الأُولى كان في ذهني بعض هذه الإشاعات، فكنت كلّما رأيت مجلّداً ضخماً تناولته علّني أعثر على هذا القرآن المزعوم، ولكن سرعان ما تبخّر هذا الوهم، وعرفتُ فيما بعد أنّها إحدى التشنيعات المكذوبة لينفّروا الناس من الشيعة.

    ولكن يبقى هناك دائماً من يُشنّع ويحتج على الشيعة بكتاب اسمه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربُ الأرباب"، ومؤلفه الميرزا محمد حسين النوري الطبرسي المتوفي سنة 1320 هجري وهو شيعي، ويريد هؤلاء المتحاملون أن يحمّلُوا الشيعة مسؤولية هذا الكتاب! وهذا مخالف للانصاف.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 370
    --------------------------------------------------------------------------------

    فكم من كُتب كتبت وهي لا تُعبّر في الحقيقة إلاّ عن رأي كاتبها ومؤلّفها، ويكون فيها الغثّ والسمين، وفيها الحقّ والباطل، وتحمل في طياتها الخطأ والصواب، ونجد ذلك عند كلّ الفرق الإسلاميّة ولا يختصّ بالشيعة دون سواها، أفيجوز لنا أن نُحمّل أهل السنّة والجماعة مسؤولية ماكتبه وزير الثقافة المصري وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بخصوص القرآن والشعر الجاهلي؟

    أو مارواه البخاري وهو صحيح عندهم من نقص في القرآن وزيادة، وكذلك صحيح مسلم وغيره(1).

    ولكن لنضرب عن ذلك صفحاً ونقابل السيئة بالحسنة، ولنعم ماقاله في هذا الموضوع الأُستاذ محمّد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية، إذ كتب يقول:

    "وأمّا أنّ الإماميّة يعتقدون نقص القرآن فمعاذ اللّه، وإنّما هي روايات رُويت في كتبهم، كما رُوي مثلها في كتُبنا، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها، وبيّنوا بطلانها، وليست في الشيعة الإماميّة أو الزيديّة من يعتقد ذلك، كما إنّه ليس في السنّة من يعتقده.


    ____________

    1- إذ إنّ كتاب (فصل الخطاب) لا يعدّ شيئاً عند الشيعة، بينما روايات نقص القرآن والزيادة فيه أخرجها صحاح أهل السنّة والجماعة أمثال البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد (المؤلّف).


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 371
    --------------------------------------------------------------------------------

    ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب الإتقان للسيوطي، ليرى فيه أمثال هذه الروايات التي نضرب عنها صفحاً.

    وقد ألّف أحد المصريين في سنة 1498م كتاباً اسمه "الفرقان" حشّاه بكثير من أمثال هذه الروايات السقيمة المدخولة المرفوضة، ناقلاً لها عن الكتب والمصادر عند أهل السنّة، وقد طلب الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بينّ بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فية، فاستجابت الحكومة لهذا الطلب وصادرتْ الكتاب، فرفع صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضاً، فحكم القضاء الإداري في مجلس الدولة برفضها.

    أفيقال أنّ أهل السنّة ينكرون قداسة القرآن؟ أو يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ أو لكتاب ألّفه فلان؟

    فكذلك الشيعة الإماميّة، إنّما هي روايات في بعض كتبهم كالروايات في بعض كتبنا، وفي ذلك يقول الإمام العلاّمة السعيد أبو الفضل بن الحسن الطبرسي من كبار علماء الإماميّة في القرن السادس الهجري في كتاب (مجمع البيان لعلوم القرآن):

    "فأمّا الزيادة فيه فمجمع على بطلانها، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية أهل السنّة أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 372
    --------------------------------------------------------------------------------

    نصره المرتضى قدّس اللّه روحه، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب "مسائل الطرابلسيات"، وذكر في مواضع: إنّ العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب فإنّ العناية اشتدّت، والدواعي توفّرت على نقله وحراسته، وبلغتْ إلى حدّ لم تبلغهُ فيما ذكرناه; لأنّ القرآن معجزة النبوّة، ومأخذ العلوم الشرعيّة، والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كلّ شيء أختلفَ فيه من إعرابه، وقراءاته، وحروفه، وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد"(1).

    وحتّى يتبينّ لك أيها القارئ أنّ هذه التهمة (نقص القرآن والزياده فيه) هي أقرب لأهل السنّة منها لأهل الشيعة، وذلك من الدواعي التي دعتني إلى أن أراجعُ كل معتقداتي; لأنّي كلّما حاولتُ انتقاد الشيعة في شيء والاستنكار عليهم إلاّ وأثبتوا براءتهم منه وإلصاقه بي، عرفتُ أنّهم يقولون صدْقاً، وعلى مرّ الأيام ومن خلال البحث اقتنعتُ والحمد للّه، وها أنا مقدّم لك مايثبت ذلك في هذا الموضوع:


    ____________

    1- مقال الأُستاذ محمّد المديني عميد كلية الشريعة في الجامع الأزهر، مجلة رسالة الإسلام، العدد الرابع، من السنة الحادية عشر: 382 و383 (المؤلّف).


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 373
    --------------------------------------------------------------------------------

    أخرج الطبراني والبيهقي:

    إنّ من القرآن سورتين إحداهما هي:

    "بسم اللّه الرحمن الرحيم، إنّا نستعينك ونستغفرك ونُثني عليك الخير كلّه ولا نكفُركَ ونَخلعُ ونتركُ من يفجرك".

    والسورة الثانية هي:

    "بسم اللّه الرحمن الرحيم، اللّهم إياك نعبدُ ولك نُصلّي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك الجدّ، إنّ عذابك بالكافرين ملحقُ".

    وهاتان السورتان سمّاهما الراغب في المحاضرات سورتي القنوت، وهما مّما كان يقنتُ بهما سيّدنا عمر بن الخطّاب، وهما موجودتان في مصحف ابن عبّاس، ومصحف زيد بن ثابت(1).

    أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده:

    عن أُبي بن كعب قال: كم تقرأون سورة الأحزاب؟ قال: بضعاً وسبعين آية، قال: لقد قرأتها مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل البقرة أو أكثر

    ____________

    1- السنن الكبرى للبيهقي 2: 210، كتاب الدعاء للطبراني: 238، المصنّف لابن أبي شيبة 3: 121 ح4997، الدر المنثور 6: 421، والمحاضرات للراغب الأصفهاني 2: 443. (مبدأ القرآن ونزوله).


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 374
    --------------------------------------------------------------------------------

    منها، وإنّ فيها آية الرجم(1).

    وأنت ترى أيّها القارئ اللّبيب أنّ السورتينّ المذكورتين في كتابي الإتقان والدر المنثور للسيوطي، واللتين أخرجهما الطبراني والبيهقي، واللتين تسميان بسورتي القُنوت لا وجود لهما في كتاب اللّه تعالى.

    وهذا يعني أنّ القرآن الذي بين أيدينا ينقص هاتين السورتين الثابتتين في مصحف ابن عباس ومصحف زيد بن ثابت، كما يدّل أيضاً بأنّ هناك مصاحف أُخرى غير التي عندنا، وهو يذكّرني أيضاً بالتشنيع على أنّ للشيعة مصحف فاطمة، فافهم!

    وإنّ أهل السنّة والجماعة يقرأون هاتين السورتين في دعاء القنوت كلّ صباح، وكنتُ شخصياً أحفظهما وأقرأ بهما في قنوت الفجر.

    أمّا الرواية الثانية التي أخرجها الإمام أحمد في مسنده، والتي تقول بأنّ سورة الأحزاب ناقصة ثلاثة أرباع، لأنّ سورة البقرة فيها 286 آية بينما لا تتعدّى سورة الأحزاب 73 آية. وإذا اعتبرنا عدّ القرآن بالحزب فإن سورة البقرة فيها أكثر من خمسة أحزاب، بينما

    ____________

    1- مسند أحمد بن حنبل 5: 132، وقال محقّق الكتاب ـ حمزة أحمد الزين ـ: "اسناده صحيح".


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 375
    --------------------------------------------------------------------------------

    لا تعد سورة الأحزاب إلاّ حزباً واحداً.

    وقول أُبي بن كعب: "كنتُ أقرأها مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل البقرة أو أكثر" وهو من أشهر القرّاء الذين كانوا يحفظون القرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الذي اختاره عُمر ليُصلّي بالناس صلاة التراويح(1). فقوله هذا يبعث الشكّ والحيرة كما لا يخفى.

    وأخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أُبي بن كعب قال: إن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:

    "إنّ اللّه تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن، فقال: فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، فقرأ فيها: (ولو أنّ ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيه لسأل ثانياً، فلو سأل ثانياً فأعطيه لسأل ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب، ويتوب اللّه على من تابَ، وأنّ ذلك الدين القيّمُ عند اللّه الحنفية غير المشركة، ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعل خيراً فلن يكفره) "(2).

    وأخرج الحافظ ابن عساكر في ترجمة أُبي بن كعب أنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق، فقرأ فيها على

    ____________

    1- صحيح البخاري2: 252، كتاب صلاة التراويح.

    2- مسند الإمام أحمد بن حنبل 5: 131، مسند أبي داود الطيالسي: 73، وقال محقّق الكتاب ـ حمزة أحمد الزين ـ: "اسناده حسن".


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 376
    --------------------------------------------------------------------------------

    عمر بن الخطاب هذه الآية:

    (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حَمُو لفسدَ المسجد الحرام) فقال عمر بن الخطاب: من أقرأكم هذه القراءة؟ فقالوا: أُبي بن كعب، فدعاه فقال لهم عمر: إقرأوا، فقرأوا: (ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) فقال أُبي ابن كعب لعمر بن الخطاب: نعم أنا أقرأتهم، فقال عمر لزيد بن ثابت: أقرأ يازيد، فقرأ زيد قراءة العامة، فقال عمر: اللّهم لا أعرف إلاّ هذا! فقال أُبي بن كعب:

    واللّه ياعمر إنّك لتعلمُ أنّي كنتُ أحْضر ويغيبون، وأدنوا ويحجبون، ووللّه لئنْ أحْبْبتَ لألزمنّ بيتي فلا أُحدّث أحداً، ولا أُقرأ أحداً حتّى أموت، فقال عمر: اللّهم غفراً، إنّك لتعلم إنّ اللّه قد جعل عندك علماً، فعلّم الناس مَاعلمتَ(1).

    قال: ومرّ عمر بغلام وهو يقرأ في المصحف:

    (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبٌ لهم) فقال: ياغلام حكها، فقال: هذا مصحف أُبي بن كعب، فذهب إليه

    ____________

    1- تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر 7: 338 و 68: 102، كنز العمال 2: 595 ح4816.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 377
    --------------------------------------------------------------------------------

    فسأله فقال له: إنّه كان يُلهيني القرآنُ ويُلهيكَ الصفقُ بالأسواق(1).

    وروى مثل هذا ابن الأثير في جامع الأُصول، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه.

    وأترك لك أخي القارئ أنْ تُعلّقَ في هذه المرّة بنفسك على أمثال هذه الروايات التي ملأتْ كتب أهل السنّة والجماعة، وهم غافلون عنها ويشنّعون على الشيعة الذين لا يوجد عندهم عشر هذا!

    ولكن لعلّ بعض المعاندين من أهل السنّة والجماعة ينفرُ من هذه الروايات فيرفضها كعادته، وينكر على الإمام أحمد تخريجه مثل هذه الخرافات، فيضعّف أسانيدها ويعتبر أنّ مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود ليسا عند أهل السنّة بمستوى صحيحي البخاري ومسلم، ولكن مثل هذه الروايات موجودة في صحيح البخاري وصحيح مسلم أيضاً.

    فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه في باب مناقب عمّار وحذيفة رضي اللّه عنهما عن علقمة قال: قدمتُ الشام فصلّيتُ

    ____________

    1- السنن الكبرى للبيهقي 7: 69، تاريخ دمشق 7: 339، سير أعلام النبلاء 1: 397، الدر المنثور 5: 183، كنزل العمال 2: 569 ح4746، المستدرك للحاكم: (كتاب التفسير، في تفسير سورة الأحزاب) وصححه، سنن أبي داود 2: 515 ح5182، وصرّح الشيخ الألباني بصحته.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 378
    --------------------------------------------------------------------------------

    ركعتين، ثم قلتُ: اللّهم يسّر لي جليساً صالحاً، فأتيت قوماً فجلستُ إليهم، فإذا شيخٌ قد جاء حتّى جلس إلى جنبي، قلتُ من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء، قلتُ: إنّي دعوتُ اللّه أن ييسّر لي جليساً صالحاً فيسّرك لي.

    قال: مّمنْ أنت؟ فقلتُ: من أهل الكوفة، قال: أو ليس عندكم ابن أُمّ عبد صاحبُ النعلين والوساد والمطهرة، وفيكم الذي أجاره اللّه من الشيطان على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، أوليس فيكم صاحبُ سرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا يعلمُ أحد غيرهُ، ثم قال: كيف يقرأ عبداللّه: { وَاللَيْلِ إِذَا يَغْشَى } فقرأت عليه: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأُنثى) قال: واللّه لقد أقرأنيها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) من فيه إلى فىَّ(1).

    ثمّ زاد في رواية أُخرى قال: مازال بي هؤلاء حتّى كادوا يستنزلوني عن شيء سمعته من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)(2).

    وفي رواية قال: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأُنثى) قال: أقرأنيها النُّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من فاهُ إلى فىَّ، فما زال هؤلاء

    ____________

    1- صحيح البخاري4: 215، كتاب فضائل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، باب مناقب عمّار وحذيفة.

    2- المصدر نفسه.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 379
    --------------------------------------------------------------------------------

    حتّى كادوا يردّوني(1).

    فهذه الروايات كلّها تفيد بأنّ القرآن الذي عندنا زيد فيه كلمة "وما خلق".

    وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس أنّ عمر بن الخطاب قال: إنّ اللّه بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل اللّه آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمانٌ أن يقول قائلٌ: واللّه مانجدُ آية الرجم في كتاب اللّه، فيضلّوا بترك فضيلة أنزلها اللّه، والرجمُ في كتاب اللّه حقٌ على من زنى إذا أُحْصِنَ من الرجال والنساء إذا قامتْ البيّنة أو كان الحبل والاعتراف، ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب اللّه: أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو إنّ كفْراً بكم أنْ ترغبوا عن آبائكم(2).

    وأخرج الإمام مسلم في صحيحه: (في باب لو أنّ لابن آدم واديين لابتغى ثالثاً).


    ____________

    1- صحيح البخاري4: 219، كتاب فضائل أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، باب مناقب عبد اللّه بن مسعود.

    2- صحيح البخاري8: 26، كتاب المحاربين، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 380
    --------------------------------------------------------------------------------

    قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقُراؤهم، فأتلوه ولا يطولنّ عليكم الأمل فتقسوا قلوبكم كما قستْ قلوب من كان قبلكم، وإنّا كنّا نقرأ سورةً كنا نشبّهُها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها غير إنّي قد حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب).

    وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبهها بإحدى المسبّحات فأنسيتها غير إنّي حفظت منها: (يا أيّها الذين آمنوا لما تقولون مالا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة)(1).

    وهاتان السورتان المزعومتان اللتان نسيهما أبو موسى الأشعري إحداهما تُشبه براءة يعني 129 آية، والثانية تشبه إحدى المسبحات يعني عشرون آية، لا وجود لهما إلاّ في خيال أبي موسى، فاقرأ وأعجب فإنّي أترك لك الخيار أيّها الباحث المنصف.

    فإذا كانت كتب أهل السنّة والجماعة مسانيدهم وصحاحهم مشحونة بمثل هذه الروايات التي تدّعي بأنّ القرآن ناقص مرّة،

    ____________

    1- صحيح مسلم3: 100، كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديان لابتغى ثالثاً.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 381
    --------------------------------------------------------------------------------

    وزائد أُخرى، فلماذا هذا التشنيع على الشيعة الذين أجمعوا على بطلان هذا الادّعاء؟!

    وإذا كان الشيعي صاحب كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب" وهو المتوفي سنة 1320 هجرية كتب كتابه منذ مايقرب مائة عام، فقد سبقه السنّي في مصر صاحب كتاب "الفرقان" بما يقارب أربعة قرون، كما أشار إلى ذلك الشيخ محمّد المدني عميد كلية الشريعة بالأزهر(1).

    والمهم في كلّ هذا أنّ علماء السنّة وعلماء الشيعة من المحقّقين قد أبطلوا مثل هذه الروايات واعتبروها شاذّة، وأثبتوا بالأدلّة المقنعة بأنّ القرآن الذي بين أيدينا هو نفس القرآن الذي أُنزل على نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليس فيه زيادة ولا نقصان، ولا تبديل ولا تغيير.

    فكيف شنّع أهل السنّة والجماعة على الشيعة من أجل روايات ساقطة عندهم، ويبرّؤون أنفسهم، بينما صحاحهم تثبت صحة تلك الروايات؟

    وإنّي إذ أذكر مثل هذه الروايات بمرارة كبيرة وأسف شديد، فما أغنانا اليوم عن السكوت عنها وطيّها في سلّة المهملات، لولا الحملة الشعواء التي شنّها بعض الكتّاب والمؤلّفين ممن يدّعون التمسّك

    ____________

    1- رسالة الإسلام: العدد الرابع، من السنة الحادية عشر: 382 و 383.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 382
    --------------------------------------------------------------------------------

    بالسنّة النبويّة، ومن ورائهم دوائر معروفة تموّلهم وتشجعّهم على الطعن وتكفير الشيعة، خصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، فإلى هؤلاء أقول: اتقوا اللّه في إخوانكم، { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً }(1).


    ____________

    1- سورة آل عمران: 21.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 383
    --------------------------------------------------------------------------------



    الجمع بين الصلاتين




    وممّا يُشنّع به على الشيعة أيضاً جمعهم بين صلاة الظهر والعصر، وبين صلاة المغرب والعشاء.

    وأهل السنّة والجماعة إذ يشنّعون على الشيعة، فإنّهم يؤكّدون في المقابل بأنّهم يحافظون على الصلاة; لأنّ اللّه سبحانه وتعالى يقول: { إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً }(1).

    وقبل أن نحكم لهم أو عليهم يجب علينا أن نبحث في الموضوع من جميع جوانبه ونرى أقوال الطرفين:

    أمّا أهل السنّة والجماعة فهم متّفقون على جواز الجمع بعرفه بين الظهر والعصر ويسمّى جمع تقديم، وجواز الجمع بالمزدلفة وقت العشاء بينها وبين فريضة المغرب ويسمّى جمع تأخير، وهذا مايتفق عليه كلّ المسلمون شيعة وسنّة، بل كلّ الفرق الإسلامية بدون استثناء.


    ____________

    1- النساء: 103.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 384
    --------------------------------------------------------------------------------

    والخلاف بين الشيعة وأهل السنّة هو في جواز الجمع بين الفريضتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في كلّ أيام السنة بدون عذر السفر.

    أمّا الحنفيّة فيقولون بعدم الجواز حتى في السفر، وذلك مع وجود النصوص الصريحة بجوازه لا سيما في السفر، وخالفوا بذلك إجماع الأُمّة سنّة وشيعة.

    وأمّا المالكية والشافعية والحنبلية فيقولون بجواز الجمع بين الفريضتين في السفر، ويختلفون بينهم في جوازه لعذر الخوف والمرض والمطر والطين.

    وأمّا الشيعة الإمامية فمتّفقون على جوازه مطلقاً في غير سفر ولا مطر ولا مرض ولا خوف، وذلك اقتداء بما رووه عن أئمة أهل البيت من العترة الطاهرة (عليهم السلام).

    وهنا يجب علينا أن نقف منهم موقف الاتهام والتشكيك; لأنّه كلّما احتجّ أهل السنّة والجماعة عليهم بحجّة، إلاّ ويردونها بأنّ الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) علموهم وبيّنوا لهم كلّ ما أشكل عليهم، ويفتخرون بأنّهم يقتدون بأئمة معصومين يعلمون القرآن والسنّة!

    وأنا أتذكّر بأنّ أوّل صلاة جمعت فيها بين الظهر والعصر كانت بإمامة الشهيد محمّد باقر الصدر عليه رضوان اللّه، إذ كنت وأنا في
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 385
    --------------------------------------------------------------------------------

    النجف أفرّق بين الظهر والعصر حتى كان ذلك اليوم السعيد الذي خرجت فيه مع السيّد محمّد باقر الصدر من بيته إلى المسجد الذي يؤمّ فيه مقلّديه الذين احترموني وتركوا لي مكاناً خلفه بالضبط.

    ولمّا انتهت صلاة الظهر وأُقيمت صلاة العصر حدّثتني نفسي بالانسحاب، ولكن بقيت لسببين: أوّلهما: هيبة السيّد الصدر وخشوعه في الصلاة حتى تمنّيت أنّ تطول، وثانيهما وجودي في ذلك المكان وأنا أقرب المصلّين إليه، وأحسست بقوّة قاهرة تشدّني إليه، ولمّا فرغنا من أداء فريضة العصر وانهال عليه الناس يسألونه، بقيت خلفه أسمع الأسئلة والإجابة عليها إلاّ ما كان خفياً، ثمّ أخذني معه إلى بيته للغذاء، وهناك وجدت نفسي ضيف الشرف، واغتنمت فرصة ذلك المجلس وسألته عن الجمع بين الصلاتين:

    سيّدي! أيمكن للمسلم أن يجمع بين الفريضتين في حالة الضرورة؟

    قال: يمكن له أن يجمع بين الفريضتين في جميع الحالات وبدون ضرورة.

    قلت: وما هي حجّتكم؟

    قال: لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بين الفريضتين في المدينة في غير سفر ولا خوف ولا مطر ولا ضرورة، وإنّها فقط لدفع الحرج عنّا،
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 386
    --------------------------------------------------------------------------------

    وهذا بحمد اللّه ثابت عندنا من طريق الأئمة الأطهار، وثابت أيضاً عندكم.

    استغربت كيف يكون ثابتاً عندنا، ولم أسمع به قبل ذلك اليوم، ولا رأيت أحداً من أهل السنّة والجماعة يعمل به، بل بالعكس يقولون ببطلان الصلاة إذا وقعت حتى دقيقة قبل الأذان، فكيف بمن يصلّيهما قبل ساعات مع الظهر، أو يصلّي صلاة العشاء مع المغرب، فهذا يبدو عندنا منكراً وباطلاً.

    وفهم السيّد محمّد باقر الصدر حيرتي واستغرابي، وهمس إلى بعض الحاضرين، فقام مسرعاً وجاءه بكتابين عرفت بأنّهما صحيح البخاري وصحيح مسلم، وكلّف السيّد ذلك الطالب بأن يطلعني على الأحاديث التي تتعلّق بالجمع بين الفريضتين.

    وقرأت بنفسي في صحيح البخاري كيف جمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فريضة الظهر والعصر، وكذلك فريضة المغرب والعشاء، كما قرأت في صحيح مسلم باباً كاملاً في الجمع بين الصلاتين في الحضر في غير خوف ولا مطر ولا سفر.

    ولم أخف تعجّبي ودهشتي وإن كان الشكّ داخلني بأن البخاري ومسلم اللذين عندهم قد يكونان محرّفين، وأخفيت في نفسي أن أراجع هذين الكتابين في تونس.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 387
    --------------------------------------------------------------------------------

    وسألني السيّد محمّد باقر الصدر عن رأيي بعد هذا الدليل.

    قلت: أنتم على حقّ، وأنتم صادقون فيما تقولون، وبودّي أن أسألكم سؤالاً آخر.

    قال: تفضل.

    قلت: هل يجوز الجمع بين الصلوات الأربع، كما يفعل كثيرٌ من الناس عندنا لما يرجعوا في الليل يصلّون الظهر والعصر والمغرب والعشاء قضاء.

    قال: هذا لا يجوز.

    قلت: إنك قلت لي فيما سبق بأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فرّق وجمع، وبذلك فهمنا مواقيت الصلاة التي ارتضاها اللّه سبحانه.

    قال: إنّ لفريضتي الظهر والعصر وقت مشترك، ويبتدئ من زوال الشمس إلى الغروب، ولفريضتي المغرب والعشاء أيضاً وقت مشترك ويبتدئ من غروب الشمس إلى منتصف الليل، ولفريضة الصبح وقت واحد يبتدئ من طلوع الفجر إلى شروق الشمس، فمن خالف هذه المواقيت يكون خالف الآية الكريمة { إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً }(1)، فلا يمكن لنا مثلاً أن نصلّي الصبح قبل الفجر ولا بعد شروق الشمس، كما لا يمكن لنا أن نصلّي فريضتي

    ____________

    1- النساء: 103

    الظهر والعصر قبل الزوال أو بعد الغروب، كما لا يجوز لنا أن نصلّي فريضتي المغرب والعشاء قبل الغروب ولا بعد منتصف الليل.

    وشكرت السيّد محمّد باقر الصدر، وإن كنت اقتنعت بكلّ أقواله، غير أنّي لم أجمع بين الفريضتين بعد مغادرته إلاّ عندما رجعت إلى تونس، وانهمكت بالبحث واستبصرت.

    هذه قصتي مع الشهيد الصدر رحمة اللّه عليه في خصوص الجمع بين الفريضتين، أرويها ليتبّين إخواني من أهل السنّة والجماعة أوّلاً كيف تكون أخلاق العلماء اللذين تواضعوا حتى كانوا بحقّ ورثة الأنبياء في العلم والأخلاق.

    وثانياً: كيف نجهل ما في صحاحنا، ونشنّع على غيرنا بأُمور نعتقد نحن بصحتها، وقد وردت في صحاحنا.

    فقد أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده(1) عن ابن عباس قال: صلّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة مقيماً غير مسافر سبعاً وثمانياً.

    وأخرج الإمام مالك في الموطأ(2) عن ابن عباس قال: صلّى

    ____________

    1- مسند الإمام أحمد بن حنبل 1: 221، وصحّحه أحمد محمّد شاكر محقّق الكتاب.

    2- موطأ الإمام مالك 1: 93 كتاب قصر الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 389
    --------------------------------------------------------------------------------

    رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر.

    وأخرج الإمام مسلم في صحيحه في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر قال: عن ابن عبّاس قال: صلّى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر(1).

    كما أخرج عن ابن عباس أيضاً قال: جمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الظُهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قال: قلتُ لابن عباس: لِم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أُمّتَهُ(2).

    ومّما يدلّك أخي القارئ أنّ هذه السنّة النبّوية كانتْ مشهورة لدى الصحابة ويعملون بها مارواه مسلم أيضاً في صحيحه في نفس الباب قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غَرُبت الشمسُ وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاّة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنّة لا أمٌ لك، ثمّ قال: رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء.


    ____________

    1- صحيح مسلم 2: 151، كتاب صلاة المسافرين، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر.

    2- المصدر نفسه.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 390
    --------------------------------------------------------------------------------

    وفي رواية أُخرى قال ابن عباس للرجل: لا أُمّ لك أتعلّمنا بالصلاة وكنّا نجمعُ بين الصلاتين على عهد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)(1).

    وأخرج الإمام البخاري في صحيحه في باب وقت المغرب قال: حدّثنا آدم قال: حدّثنا شعبة، قال حدثنا عمرو بن دينار، قال: سمعتُ جابر بن يزيد عن ابن عباس قال: صلّى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعاً جميعاً، وثمانية جميعاً(2).

    كما أخرج البخاري في صحيحه(3) في باب وقت العصر: قال سمعتُ أبا أُمامة يقول: صلّينا مع عمر بن عبدالعزيز الظهر، ثم خرجنَا حتّى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلّي العصرَ، فقلتُ: ياعمّ ماهذه الصلاة التي صلّيت؟ قال: العصْرُ، وهذه صلاة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) التي كنْا نصلّي معه(4).


    ____________

    1- المصدر نفسه.

    2- صحيح البخاري1: 140، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب.

    3- صحيح البخاري1: 138، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر.

    4- ولأجل هذه الروايات المصرّحة بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بين الصلوات من دون سفر أو مرض أو عذر وقع أهل السنّة في الاضطراب لتوجيه ذلك، مع ما يصرّحون به من بطلان الجمع بين الصلاتين من دون عذر أو سفر أو مرض، ولذلك جاءوا بتأويلات باردة لم يقتنعوا أنفسهم بها:

    قال النووي في شرحه لمسلم 5: 224 بعد نقله للروايات المتقدّمة: "هذه

    =>


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 391
    --------------------------------------------------------------------------------



    ____________


    <=

    الروايات الثابتة في مسلم كما تراها، وللعلماء فيها تأويلات ومذاهب، وقد قال الترمذي في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الأُمّة على ترك العمل به إلاّ حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر.

    وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله...

    وأمّا حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل لهم أقوال:

    منهم من تأوّله على أنّه جمع بعذر المطر، وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدّمين، وهو ضعيف بالرواية الأُخرى: من غير خوف ولا مطر.

    ومنهم من تأوّله على أنّه كان في غيم فصلّى الظهر ثمّ انكشف الغيم وبان أنّ وقت العصر دخل فصلاّها، وهذا أيضاً باطل; لأنّه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر لا احتمال فيه في المغرب والعشاء.

    ومنهم من تأوّله على تأخير الأُولى إلى آخر وقتها فصلاّها فيه فلمّا فرغ منها دخلت الثانية فصلاّها فصارت صلاته صورة جمع، وهذا أيضاً ضعيف أو باطل; لأنّه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل، وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له، وعدم إنكاره; صريح في ردّ هذا التأويل.

    ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المطر أو نحوه ممّا هو في معناه من الأعذار، وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا...

    وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع بين الحضر للحاجة لمن لا يتّخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن ابن إسحاق المروزي عن

    =>


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 392
    --------------------------------------------------------------------------------

    ومع وضوح هذه الأحاديث، فإنّك لا تزال تجد من يشنّع بذلك على الشيعة، وقد حدث ذلك مرّة في تونس، فقد قام الإمام عندنا في مدينة قفصة ليشنّع علينا ويُشهّر بنا وسط المصلّين قائلاً: أرأيتم هذا الدين الذي جاؤوا به، إنّهم بعد صلاة الظهر يقومون ويصلّون العصر، إنّه دين جديد ليس هو دين محمّد رسول اللّه، هؤلاء يخالفون القرآن الذي يقول: { إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً }(1) وما ترك شيئاً إلاّ وشتم به المستبصرين.

    وجاءني أحد المستبصرين وهو شاب على درجة كبيرة من الثقافة، وحكى لي ماقاله الإمام بألم ومرارة، فأعطيته صحيح البخاري وصحيح مسلم، وطلبت منه أن يطلعه على صحّة الجمع وهو من سنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّني لا أُريد الجدال معه، فقد سبق لي أن جادلته بالتي هي أحسن، فقابلني بالشتم والسب والتهم الباطلة.


    ____________


    <=

    جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيّده ظاهر قول ابن عبّاس: أراد أن لا يحرج أُمّته، فلم يعلّله بمرض ولا غيره، واللّه أعلم".

    وتعليقاً على قول النووي نقول: إنّ تقيد جواز الجمع "للحاجة لمن لا يتخذه عادة" تأويل باطل لا دليل عليه، بعد تصريح الروايات بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع من دون عذر ولا سفر ولا مرض.

    ومن المحتمل قوياً أنّ سبب ذلك هو مخالفة شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، كما تقدّم التصريح بذلك من بعض علماء السنّة في بعض المسائل، إذ ارتكبوا خلاف سنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ الشيعة تفعله كما فعله النبي وآل بيته (عليهم السلام).

    1- النساء: 103.


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 393
    --------------------------------------------------------------------------------

    والمهم أنّ صديقي لم ينقطع من الصلاة خلفه، فبعد انتهاء الصلاة جلس الإمام كعادته للدرس، فتقدّم إليه صديقي بالسؤال عن الجمع بين الفريضتين، فقال: إنّها من بدع الشيعة، فقال له صديقي: ولكنّها ثابتة في صحيح البخاري ومسلم، فقال له: غير صحيح، فأخرج له صحيح البخاري وصحيح مسلم وأعطاه، فقرأ باب الجمع بين الصلاتين، يقول صديقي: فلمّا صدمته الحقيقة أمام المصلّين الذين يستمعون لدروسه، أغلق الكتب وأرجعها إليّ قائلاً: هذه خاصّة برسول اللّه، وحتى تصبح أنت رسول اللّه فبإمكانك أن تصلّيها، يقول هذا الصديق: فعرفت أنّه جاهل متعصّب، وأقسمت من يومها أن لا أُصلّي خلفه(1).

    بعد ذلك طلبت من صديقي بأن يرجع إليه ليطلعه على أنّ ابن عباس كان يصلّي تلك الصلاة، وكذلك أنس بن مالك وكثير من الصحابة، فلماذا يريد هو تخصيصها برسول اللّه، أو لم يكن لنا في رسول اللّه أُسوة حسنة؟ ولكن صديقي اعتذر لي قائلاً: لا داعي

    ____________

    1- يحكى أنّ رجلين خرجا للصيد ولقيا سواداً بعيداً، فقال الأوّل: إنّه غراب، وعانده الثاني بأنّه عنزة، وتعاندا، وأصرّ كلّ منهما على رأيه، ولكنّهما عندما اقتربا من السواد فإذا به غراب انزعج وطار هارباً، فقال الأوّل: ألم أقل لك بأنّه غراب هل اقتنعت الآن، ولكن صديقه أصرّ على رأيه وقال: سبحان اللّه عنزة تطير؟ (المؤلّف).


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 394
    --------------------------------------------------------------------------------

    لذلك وإنّه لا يقتنع ولو جاءه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم).

    وإنّه والحمد للّه وبعد أن عرف كثير من الشباب هذه الحقيقة، وهي الجمع بين الصلاتين، رجع أغلبهم إلى الصلاة بعد تركها، لأنّهم كانوا يعانون من فوات الصلاة في وقتها، ويجمعون الأوقات الأربعة في الليل فتمل قلوبهم، وأدركوا الحكمة في الجمع بين الفريضتين لأنّ كلّ الموظفين والطلبة وعامّة الناس يقدرون على أداء الصلوات في أوقاتها وهم مطمئنون، وفهموا قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "كي لا أحرج أُمّتي".


    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 395
     
  17. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف


    بسم الله الرحمن الرحيم
    إلى كل من يعتبر بطلان هذه العقيدة فنحن نقول له:
    فإن مقتضى الإنسانية أن يكون الإنسان ذا إنصاف في الحكم على من يعتقد غير عقيدته ، وأن يتفحّص اولاً ويقرأ كتب علماء المتخاصمين ثمّ يحكم ، لا أن يتكلم بجهل وعدم دراية .
    نوصيك بمطالعة كتب الشيعة أولاً … ثمّ تحكيم العقل .
    فالشيعة تحترم صحابة الرسول ( ص ) وتعظمهم ، ولكن تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فالصحابة غير معصومين باتفاق جميع المسلمين ، فأيّ عقل يقبل أن تكون مجرّد رؤية الرسول ـ حيث يكون بها الانسان صحابياً ـ ترفع قانون البحث عن الرجل وأفعاله .
    فالشيعة تجري قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فمن بقي على الدين بعد الرسول ( ص ) ومات على الملّة ولم يغيّر ولم يبدّل فالشيعة تعظمه ، ومن لا فلا .
    أما بالنسبة لعدالة الصحابة:
    إن الله تعالى أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ و شرّع له شريعة ليبلغها الى المسلمين، قال تعالى (يا أيّها الرسول بلّغْ ما أنزل إليك من ربّك) المائدة 67 . فمن التزم بهذه الشريعة _ بكل أبعادها من الأوامر والنواهي ـ فهو مسلم بحقّ، ويجب على جميع المسلمين احترامه وتقديره والترحّم عليه .
    ومن ضّيع هذه الأوامر أو بعضها، فإن كان عن جهلٍ وقصور فهو معذور وإن كان عن عمدٍ و عنادٍ واستخفافٍ بأوامر الله و رسوله فهو و إن لم يخرج عن الاسلام ـ إذا بقي ملتزماً بالشهادتين ـ لكن يعتبر خارجاً عن طاعة الله و رسوله . و موجباً للحكم عليه بالفسق .
    و هنا نقول : إنّ من ضمن الأوامر التي أمرنا الله و رسوله باتباعها والالتزام بها هي قوله تعالى (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى) الشورى 23
    فمودّة أهل بيت النبي صلى الله عليه و آله من الواجبات على كل مسلم بنصّ القرآن الكريم والسنّة القطعيّة، والتارك لها مخالف لأمر الله تعالى . كما أنّ التارك لغيرهامن الواجبات كالصلاة والصوم و… يعتبر فاسقاً عند المسلمين كافّة .
    وعلى كل حال، فلإشكال في أن جميع الصحابة عدول والبحث في الكليّة، لأن الصحابي من رأى الرسول أو سمع صوته، ولا يوجد دليل صحيح صريح يقول بعدالة كل هؤلاء، بل نجري قواعد الجرح والتعديل عليهم.
    أما بالنسبة للرفع من شأن بعض الصحابة والتقليل من شأن الآخرين:
    تقديس أحد أو التبري من أحد لا يكون صحيحاً ما لم تكن هناك قرائن على استحقاق ذلك الشخص منزلة التقديس أو التبري ، ونحن الإمامية ننتهج منهجاً عقلائياً لايحيد عن الفطرة والوجدان ، وتؤيده أدلة صحيحة صريحة .
    والإمامية يرفضون التقديس الاعتباطي الذي لا يستند إلى دليل ولا يقره عقل بل يرفضه القرآن الكريم بقوله تعالى (وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات) . غافر : 58 وقوله تعالى : (قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون) الأنعام : 50 وهكذا نهى الله تعالى عن مساواة المؤمن بالكافر أو بالمنافق . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فان تقديسنا لصحابي أو عدمه تؤيده سيرته وأحواله إذ ذلك مرهون بالاستقراء التاريخي الذي تفرضه سيرة هذا وأحوال ذاك، وإذا كنّا نتردد في حديثٍ أو حديثين ونتهمهما بالوضع والكذب ، فلا يمكننا أن نتهم التاريخ كله بالوضع وعدم الصحة ، إذ ذلك إلغاء لكثير من الحقائق واتهام أكثر الأمور بالتشكيك وعدم التصديق .
    ومثالاً لذلك ما جرى لبعض الصحابة الذي قال عنه النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" إنه من أهل النار مع كونه كان يقاتل بين يديه وذلك لما آل إليه حاله من الانتحار ومصيره من الكفر مع أنه شهد مع النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" بعض مشاهده.

    روى البخارى عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" التقى هو والمشركون فاقتتلوا ، فلما مال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" رجلٌ لا يدع لهم شاذةً ولا فاذةً إلاّ اتبعها يضربها بسيفه ، فقيل ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلان فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" أما إنه من أهل النار ، فقال رجل من القوم أنا صاحبه ، قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فقال أشهد أنك رسول الله قال : وما ذاك ؟ قال الرجل الذي ذكرت آنفاً أنه من أهل النار ، فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحاً شديداً فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" عند ذلك إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة . صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة خيبر .

    وهذه القضية تعيننا كمقدمة مهمة إلى أن أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كانوا منهم الصالحين ومنهم المنافقين لم يدخل الإيمان في قلوبهم ، ولعل استعراضاً لسيرة الكثير من الصحابة سيعطيكم تصوراً آخر عن موقفكم من جميع الصحابة بما فيهم أولئك الذين أباحوا سبّ علي على منابر الشام أربعين عاماً وقد قال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" فيه : من سبّ علياً فقد سبني . المستدرك على الصحيحين حديث 4615 عن أم سلمة في مناقب علي "عليه السلام" .
    وكان معاوية يدعو أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" إلى سبّ علي كالمغيرة بن شعبة وبسر بن أرطاة وأمثالهما كثير . أخرج الطبري في تاريخه 96:6 أن بسر بن أرطاة على منبر البصرة فشتم علياً "عليه السلام" ثم قال : نشدت الله رجلاً علم أني صادق إلاّ صدقني أو كاذب إلاّ كذبني فقال أبو بكرة : اللهم أنا لا نعلمك إلاّ كاذباً . قال فأمر به فخنق .

    وكان المغيرة بن شعبة لما ولي الكوفة كان يقوم على المنبر ويخطب وينال من علي "عليه السلام" ويلعنه ويلعن شيعته . مسند أحمد بن حنبل : 188 والمستدرك 385:1 وغيرها.
    فإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" يصرّح أن من سبّ علياً فقد سبني وكان معاوية وبعض الصحابة يمعنون في السب ، مما يعني أنهم كانوا يسبون رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كما قالت أم سلمة حينما سمعت بعضهم يسب علياً قالت : من منكم سب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فقال معاذ الله أن نسب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فقالت : والله لقد سمعت رسول الله يقول من سبّ علياً فقد سبني .

    هذه سيرة بعض الصحابة فهل بإمكاننا أن نتردد في التبري من هؤلاء بحجة الصحبة لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" ؟!
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
     
  18. د/ أحمد

    د/ أحمد عضو جديد

    والله اقول مجهود كبير يا كابتن هيثم مع ان هناك من الكلام الكثير والكثير ومنها ما كان مكررا اكثر من مرة
    اخي هيثم
    ما فهمته من كلامك انك تقول ان الشيعة غير الرافضة . فان كان ذلك صحيح فمن هم الرافضة؟
    ثم انك اثبت على نفسك بعض ما تنكرونه على انفسكم منها مسالة الوصاية
    فهل لك ان تاتينا بدليل صحيح صريح لا يستطع شخص سني او غيره انكاره؟ اية او حديث صحيح المتن صحيح السند والا فما انت تزيد الطين الا بلة بان تاتينا بدليل من قبل المفترين من الشيعة والروافض

    ثم انك اثبت انكم تنكرون نزول الله الى السماء الدنيا وتكرون صفات الله وتنكرون رؤية الله على الرغم من وجود النصوص الصريحة من القران والاحاديث الصحيحة من السنة؟ فلماذا تنكرون هذه الصفات وقد ذكرت في القران. اليس في ذلك مخالفة صريحة لسنة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟ واليس من يخالف محمد هو كافر؟ ثم تتهمون بمن يؤمن بذلك بالكفر والعياذ بالله؟ اتؤمنون كل من يصدق بالقران والسنة بالكفر؟ اذن فالصالحون هم من يخالف القران والسنة؟ هل هذا هو قصد كلامكم؟

    بالنسبة لقضية الامامة فعلى اي اساس اعتمدتموها؟ الم يقل الله سبحانه وتعالى ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) ولم يقل إن أكرمكم عند الله هم أئمة الشيعة؟ فهل هناك دليل على الإمامة عندكم؟ هل هناك نص صحيح صريح عن الرسول مثبت لا يستطيع شخص انكاره عن ذلك؟ هل تستطيع ان تأتينا بذلك الحديث او النص؟

    انت قلت ان الشيعة ظهرت من بعد موت الرسول مباشرة ونسبتها لمجموعة من الصحابة وهم بمنها براء كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام , لكنكم تحاولون ان تجعلوا لعقيدتكم الفاسدة اصلا

    ما تنكرونه عن عبد الله بن سبأ اليهودي اثبته بعض علمائكم هو محمد علي المعلم الذي اعترف بوجوده في كتابه عبد الله بن سبأ الحقيقة المجهولة. اليس هذا العالم هو منكم؟ واليس الاعتراف هو سيد الادلة

    انا سمعت بأذني ورأيت بعيني مشايخكم وعلماؤكم يسبون ابو بكر وعمر بن الخطاب / فماذا تقول في ذلك ؟ وما هو ردك على ذلك؟

    يا اخ هيثم / اليس من العقل هو ان نتبع كتاب الله وسنة رسوله بدون الانتماء لشيعة او سنة. فقط نجعل القرآن حكما بيننا ونجعل السنة وكتب السنة الصحيحة والمثبته هي الحكم بيننا؟
    ما قولكم في صحيح البخاري ومسلم؟ وما قولكم في الكتب الستة؟ هل تكذبون بها ام تصدقون بها؟

    على ماذا تقيسون صحة الاحاديث عندكم؟ هل تقيسون صحتها بان الامام الفلاني قاليها دون التثبت من السند؟ ام تقيسون صحتها بالبحث عن السند وتطبيق مبدا التجريح والتعديل على كل رواي من رواة الحديث؟

    اخ هيثم / لن نصل الى اتفاق بهذه الطريقة الا ان ابتعتم مبدا التجريح و التعديل لكل قول قاله احد ائمتكم ومطابقة سنده والبحث عمن قاله والا فما يدريك لعل ذلك القول او الحديث ما هو الا مفترى؟
    هل تضمن شخصيا ان كل قول او حديث جاء به امام من ائمتكم هو صحيح السند والمتن الى رسول الله؟ وهل تجعل الجنة او النار هي الثمن على ضمانك؟

    بالنسبة لنا كسنيين فاننا نتاكد من مصدر كل حديث باتباع وراية كل راوي وهذا ما يجعلنا نثق بما بين يدينا / ولا نكتفي بالقول ان الامام الفلاني قال اذا هو ثقة لاننا نعرف اننا كلنا بشر ولا يوجد شخص معصوم

    بصراحة

    كنت اظن انس ساجد منك رد اكثر منطقية بدلا من النسخ واللصق
    وكنت آمل ان اجد منك انت شخصيا انكارا لهذه العقائد وكنت ارجو ان اراك تقول انك لا تعتقد باي من تلك العقائد بدلا من النسخ و اللصق والدفاع عن كل الشيعة وكانك لا تفكر الا بما قاله من قبلك
    ولكن على الرغم من ذلك ما زلت ارى لك رايا وفكرا وعقلا راجحا يجعلك تميز الحق من الباطل
    انت تستدل بما يقوله الشيعة ولا تستدل بشيء من الكتاب والسنة ونحن لا نقبل اي دليل الا من الكتاب و السنة
    فان كانت تلك هي حجتك فصدقني انه لا حجة لك

    ولا اعرف لماذا لم ترد على بقية العقائد المثبتة في هذا الكتاب؟ هل لانك تعتقد بصحتها ام لانك لا تعتقد بوجودها؟

    ان كنت تقول انك لا تؤمن باي من هذه العقائد فانت منا وفينا مسلما موحد على ملة محمد بن عبدالله ، وان تؤمن وتعتقد ببعض هذه العقائد و التي لا اصل لها من الشرع فانت شيعي مخالف خارج عن هدي الرسول الكريم
    وطالما ما زلنا في فسحة من الدنيا / فنصيحتي اليك هي ان تعود الطريق القويم وتعود الى كتاب الله والى سنة رسوله وان تترك الامامية والتي لم يثبت منها او عنها شيء ولم ياتوا بحديث واحد صحيح مثبت صحته
     
  19. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    اعلم اخبي العزيز د زاحمد اني لا اريد ان اكر وافر وتكر وتفر ونتناقش ونطرح الامور اتعلم متى تركت هذا الموضوع ولم ارد لا لخوف وقلة معلومه ودليل فاعلم ان الشيعة لواتو بكل الادله لا تؤمن بها ولو انك اتيتبكل الادله لا نؤمن بها لعدم والجود الثقة العلمية بيننا لا اريد التجريح من كلامي ولا اريد النسخ واللصق لاني اردت ان اريك هذا ما انا اؤمن به اما بالنسبه للمواضيع السابقة التي لم ارد عليها بامكانك ان تكتب ما عقيدة الشيعة بالموضوع الفلاني فيخرج لك الموضوع وتقراه وترا ما يقولون اما الاحاديث التي نقيسها اذا لم يكن فيها السند ما فائدتها يا اخي الكريم اما الوصايه فانا اعتقد ما يعتقده اخواني الشيعة لا تكفير ولاتجريح لاحد ولنا ادله بامكانك الاطلاع عليها اما نزول الله الذي تتكلم عنه فهي الطامه الكبرى يا حبيبي هل الله سيتمثل يوم القيامه بشر كيف تفسر برئيك هذا وكيف هو من يحيط ولا يحاط يليتنا نكون اكثر تفكرا في الله افضل من ان نتنابز ونتجاوز وهذا الطبع الحاد ارجوا ان تخففه لاننا اخوانا ولا اتمنى ان تسب وتلعن وان اردت ذالك فلست ممن يحتكمون الى العقول لان نتيجة ذلك قلة الادراك وضياع العقل دليل على سيطرة النفس على العقل وانت عناها ابعد لاني كما ارى لديك روح تمتلك الايمان فان كان كل ما تريده المعرفة فلا تتعكز على غيرك من مشايخك واذهب للبحث ان كنت صادقا بالبحث فان الموضوع تركه منمده نقاشه ان كنت مطلعا فلا تثيروا الطائفية لغاية الان نحن ننسب للصحابه انهم شيعة فهل تعتقد عكس ذلك اتمنى ان تقرء الكلام من الالف الى الياء ولا تاخذ ما ينفعك وتترك ما يهم الموضوع وارجع الى النصوص الى اي كتاب واتعب نفسك من اجل دينك لكي تنال الاخره !!! اليس هي ما تطلب يا د. احمد واعلم انك قد تكون ضجرت من النسخ ولكن تريد ردي ام رد علامائي الذين هم من تاتي بالبرهان ان علماء الشيعة يقولون واود ان انورك بشي وان شاء الله انت منور الوجه بالنسبه الى كتب الاسناد للشيعة لا تعتبر كلها صحيحة السند وهذا متفق عليه من جميع علماء الشيعة وانت لو قرات الكتب التي تتكلم عن الشيعة للشيعة فهي ادق بالرأي من ان تاتي بدليل اما كتب الصحاح التي تعتمد عليها لا يخصنا منها الا كما يخص كتب الحديث عنها فهي تبقى في شك الى ان يثبت صحة السند وهذا من علم الرجال ولا استطيع انا ان اثبت صدق هذا او ذاك اما بالنسبة الى الامامة تريد دليلا فعجبي والله الم اقل انك لم تتطلع على كتب الشيعة يا اخي الكريم فكلها تتحدث عن كلام من القران واحاديث الرسول ومسنده من كتب السنة والجماعة اتريد دليلا فسا تركك تبحث في كتب الشيعة حتى تنال الاجر والثواب البحث اما ما نحن وابن سبا يا اخي والله اتمنى ان تقرا الرد يا اخي في الله اما اعتقادنا بالصحابه ردي موجود وفي مو ضوع اخر طرح ممكن ان تعود اليه ايضا موجود فممكن ان تعود اليه ونحن نتبع صحة الحديث ايضا يا اخي وموجد لدينا علم سمى بعلم الرجال ممكن ان تاخذ وتسال هل موجود هذا العلم فياتيك الرد نعم موجود , اما انك تريد مني رادا اكثر منطقيا فهل يوجد ردا اصدق من هذا يا اخي ان اتي لك من كتب الشيعة ام تريد ان توؤني بكلامي مقعدا من النار وان اكذب واتقول وما انا من اولئك وانت لا تعلم ما قول الكذب فكيف تريد ان اتكلم واقول يقولون فنحن لانفعل ذلك وكيف تعيب عليه النسخ والموضوع الذي اتيت به كله منسوخ وملصق اما لك ان تلاحظ ان ما قمت به انا سبقتني انت به فلا تعب علي ما اتيت به يا اخي اما اذا اردت الادله عن كل الامور التي طلبت فارجوك ابحث كتب الشيعة ولا تكن كالذين ارادوا الحق فلما قدم اليهم تركوا ولم يبحثوا واكتفوا برايهم فابحث جزاك الله خيرا واتمنى ان لا تترك البحث فانه من وسوسة الشيطان اما عدم ردي على بقية الامور فيا اخي اعتقد ان ايماني ليس بما تطرحة انت انا قدمت لك ما اومن ولكن انترفضت ان انسخ فا ذا اردت اكتب انت وابحث حتى ننال ثواب البحث عن الدليل الممكن انتتكون قد تركته فاعلم انك اذا اعتبرتني مخالفا خارجا عن شرع الله فموجود من هو اعدل منك واعم منك وهو الله الحق الذي جعلته محدودا وانا جعلته لا حدود له لان من حده فقد عده ولا تنسى يا اخي اننا في هذا المنتدى الرياضي وضعنى موضوعا لو انك قراته ووضعت ردك عليه اكون شاكرا لك وهو موضوع النقابه العربية لمدربي الفنون القتالية انتظر ردك هناك على الموضوع واتمنى ان لا تحمل عليه كل هذا الحمل وانا اعتذر لان هناك بعض العصبية التي مهما تنزلنا عنها انا وانت تخذنا وتجذبنا ولكن اعتقد اننا لو تقابلنا سارى منك وجها بشوشا وترى من كذلك ونرى من بعضنا رحمة وموده لا اقول لك مخالفوخارج عن هدي رسول الله لان الله اعلم بقانونه الذي انزله ونعوذ بالله من فتنه ياكل الاخ اخاه والصديق صديقة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله واصحابه المنتجبين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     
  20. أبو نورالدين

    أبو نورالدين عضو نشط

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته​


    جزاكم الله كل خير أخى فى الله د/أحمد و أخى فى الله كابتن هيثم

    ولكن لى عند الكابتن هيثم عدة أسئلة شخصية أرجو منه التكرم على بالإجابة عليها..

    كابتن هيثم هل أنت من الشيعة الإمامية الأثنى عشرية ؟؟؟

    هل أنت ممن يسُب سيدنا أبا بكر وعمر ابن الخطاب رضى الله عنهما ؟؟؟

    هل أنت ممن يعتقد بثبوت زنا السيدة عائشة رضى الله عنها زوجة النبى صلى الله عليه وسلم وتقوم بسبها ؟؟؟

    ولى عندك رجاء صغير وأستحلفك بالله ألا يكن فى صدرك شىء منى لطلبى هذا الطلب ولكن والله ما أريد منك فعل هذا إلا ليطمئن قلبى

    وطلبى هو أن تحلف بالله العظيم على إجاباتك وأنها هى التى تتدين بها لله عز وجل وأنك لم تقل ذلك تقية

    ومرة أخرى لا تتضايق منى


    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته​
     

شارك هذه الصفحة