1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

جسد

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏25 نوفمبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    سلام مكي

    جسدي مثقف

    لاشك في إن الثقافة الذكورية عمدت إلى تغريب الجسد الانثوي عن طريق ربطه بإيقاعين قدّما صورا تتناقض والمغزى الحقيقي منه، فهناك من يجرده من الصفة الحسيه بحيث يرى إن الجسد لاينتمي إلى التصوير الواقعي للطبيعة


    وانه عبارة عن كائن متخيل وسيبقى معلقا في الأذهان. فما الجسد سوى رؤية سردية تخلقها ذاكرة المثقف. أما الجانب الآخر فله نظرة أعمق بكثير من الأول، فالجسد كائن محسوس وذهني في الوقت نفسه، انه استجلاء لروح الطبيعة والتوصيف الطبيعي للتجدد والأصالة لدى المثقف.
    يقول ادونيس: (ليس بوسعي أن أرى الجسدي خارج نطاق الروحي، فنحن لانمارس الحب بالجسد وإنما بالروح ومادمنا بشرا ومادام الكائن البشري جسدا وروحا في آنٍ معا) إن ادونيس هنا يضفي نظرة سوريالية على الجسد باعتبار انه يمزج بين الواقع والمتخيل أي جعله واقعا مطلقا. ويستنكر ادونيس الانشطار الذي أوجده الدين أي ثنائية جسد ـ روح فالجسد هو الجانب المادي من العالم وهو الذي يملي على الروح الاشارت التي بها تتواصل مع المحيط الخارجي. إذن لايمكننا أن نبحث في الجسد والروح الا وهما مجتمعان.
    إن استنكار ادونيس يأتي من فكرة اعم واشمل، يأتي من الموقف الذي اتخذه زارا حين اتهم المثالين بأنهم قاموا بتقطيع أوصال الوجود الإنساني بأن قسموه إلى نفس وجسد تارة وفكر وواقع تارة أخرى، ويرى ايضا بأنهم عمدوا إلى إعلاء شأن الروح والفكر لالشيء سوى للحط من الواقع العملي للجسد.
    يقول زارا: (ليس ثمة شيء سوى الواقع الفعلي، ليس ثمة غير الجسد،أما النفس فليست سوى شيء من الأشياء التي يتعلقها الجسد..)، إن زارا هنا لايرى في الروح سوى كونها شيئا من متعلقات الجسد الذي به يتجلى الوقع.
    وإزاء هذه التوصيفات نرى إن الجسد قد يتحول أحيانا إلى عبء كبير على صاحبه بحيث يكون مصدر شقاء لصاحبه، ففي رواية عبد الرحمن منيف (شرق المتوسط) منيف نرى أن الجسد تحول إلى نقطة ضعف كبرى استطاع من خلالها نوري السجّان الوصول إلى مبتغاه عن طريق تعذيب رجب بطل الرواية، فبعد عناد قصير استسلم رجب وسلمهم جسده على طبق من عذاب ليعبثوا به كيفما شاؤوا ولكنه (أي البطل) عاد هنا وفصل الجسد عن أدواته عندما تصور انه أعطاهم جسدا ميتا واحتفظ هو بالإرادة.
    وفي صورة أخرى على تحول الجسد إلى عالة على صاحبه ولو أنها مرتبطة بالنظرة السوداوية للمرأة التي هي أداة للإنجاب والنسل بتصور الثقافة الذكورية، فعندما تصل المرأة إلى مرحلة سن اليأس تفقد المرأة صفة التأنيث ويتحول جسدها إلى كائن غريب لاينتمي لاللذكورة ولا للتأنيث كونه مرتبطا دلاليا بالإنجاب. فهنا يكون الجسد غير مرغوبٍ فيه وليس بذي قيمة عند الرجل.
    إن الربط الدلالي بين غريزة الإنجاب من جهة والجسد من جهة أخرى ناجم عن الهوة السحيقة التي وضعتها الثقافة الذكورية في سبيل تقزيم هذا الجسد وإفراغه من العقل واللغة وكل الصفات الإنسانية وذلك لكي يحتكرها الرجل لنفسه،حيث صارت الفصاحة أمرا معيبا اذ ما وجدت عند المرأة ذلك أن الشرط الثقافي لبلورة الصورة الجمالية في الجسد يكمن في تجريده من العقل وتزهيده باللغة بحيث يبقى مستقبلا لها فقط وافقا رحب لإبراز الرجل مفاتن قريحته الشعرية وقوته البلاغية، أما العقل فان الثقافة قد جعلته سلفا من نصيب الرجل وحده.
    إن الثقافة هنا خلقت ازدواجية في التكوين المعرفي لدى المتلقي، فهي تجعل من الجسد الأنثوي محلا للّغة وفي الوقت نفسه تسلب منه الحق في أن يكون طرفا بها والمثل الانكليزي أعلاه يعطي صورة واضحة لما نقول.
    ونرى في الأدبين العربي والعالمي العديد من الأعمال التي أقصت الجسد من واقعيته ليبقى بذلك كما قلنا معلقا في الفضاء اللغوي بحيث لايخرج عن المتخيل، فليلى العامرية وبثينه ونحوهما أصبحن محلا لبلاغة الشاعر العاشق ومرتعا خصبا لمخياله الهائم وبالتالي ما كان مقدرا لهن هو البقاء رهين اللغة وهو الشرط الجمالي الذي وضعته الثقافة حتى كنّ على ماهن عليه من مكانة في الادب ولو حدث أن ظفر هذا العاشق بحبيبته أو تزوجها بحيث أصبح هنالك تفاعل روحي وامتزاج بين كيانين لما وجدت هذه الشخصية التي يراها البعض أشبه بالشخصيات الأسطورية ولحصل قتل لذلك العمل الأدبي برمته.
    وبما إننا نرى إن الفضاء الثقافي غير مستعد للإصغاء لما يطرحه الجسد أو الاعتراف بريادته على الواقع الفعلي فان ثمة بواطن كثيرة من الثقافة ستظل فارغة أو غير مكتملة على الأقل باعتبار إن الجسد يمثل ذروة العلاقة بين عالمي التجربة الواقعي وغير الواقعي.
    فالجسد ليس كما تصوره الحلاج: عائقا بين الإنسان وبين الله كما ليس مجرد أداة للنسل والإنجاب حسب التصوير الثقافي، انه ذلك الكائن اللا متناهي والمتجدد الذي ليس بإمكان أي احد أن يحيط به إحاطة كامله لذلك فهو لغز أو معادلة مستعصية على من لايريد حقا أن يدرك ماهيته. ربما يمكن لفعل الحب أن يفك لنا بعض الشفرات التي يرسلها الجسد والتي بدونه لما تمكنا من تخطّي حواجز الوعي الثقافي وبالتالي الابتعاد عن تنميط الحالات الشاذة ولصقها بالجسد على اعتبار إن صفة التأنيث ملازمة له والفعل الذي تقوم به امرأة واحدة لايمكن تجييره ضد الجسد عموما فهو لايعدو كونه عملا فرديا.
    ولاشك إن عملية تسليع الجسد وتحويله إلى بضاعة رخيصة غير استهلاكية بالمعنى الاقتصادي أي لاتستهلك عند استعمالها سواء بالنظر أو اللمس يعد أكثر بشاعة من قتل ذلك الجسد الذي سيفقد بريقه حتما أو سيعمل المغرضون على توظيف الأمر للنيل من المظاهر الجمالية في الجسد.
    إن استخدام الجسد كأداة لتفريغ غرائز الرجل ووسيلة لإمتاعه ليست بالفكرة الجديدة حيث نجد الموروث الثقافـي زاخـرا بهكـذا رؤى ولعل، ابرز الأمثلة على ذلك كتاب الشيخ النفزاوي (الـروض العاطـر فـي نزهـة الخاطـر) والمتمعن بعنوان الكتاب يجد انه يعطي صورة واضحة لما يحتويه الكتاب حيث الروض العاطر هو الجسد الأنثوي الذي يكتظ بالعطر والطبيعة الحسنة وما هو إلا نزهة أو ترفيه للخاطر أي الرجل.
     
  2. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
     
  3. kawazaki

    kawazaki مشرف عام

    مشكور اخي هيثم:clap:
     
  4. بارك الله فيك استاذ هيثم سعدون
     
  5. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب
     
  6. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي العزيز
     
  7. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الله
     
  8. لاعبة كاراتية

    لاعبة كاراتية عضو جديد

    اشكرك كابتن هيثم ،،في البداية لفت انتباهي العنوان "الجسد" لغة الكاتب قوية ماشاءلله ،،وإذا تسمح لي بفهمي البسيط لهذا الموضوع فأنا لست بارعة في علوم الآداب ولكن الكاتب صور الجسد في صورة راقية بعيدا عن معنى الحاجات الإساسية الفطرية للإنسان
    وهو رقي إنسانية الإنسان "الروح " فالجسد لا يتمثل ولا يعبر عنه إلا بوجود الروح الحاضرة وإضافة للذلك وجود العقل الذي يسير الروح والجسد كلها كل متكامل ،فكثيرا من الناس يحضرون فقط بأجسادهم أما أرواحم وعقولهم في أتجاه أخر
    فالانسجام بين العقل والجسد والروح مطلب أساسي لتوازن الصحة النفسية والجسدية أيضا
    أسفة للإطالة الموضوع جميل جدا
     
  9. حسن شحاته

    حسن شحاته موقوف

    بالطبع مشكور كوتش هيثم
     
  10. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    رائع فكرتك استاذه لاعبة كراتيه ولكن لدي بعض التعليق بالنسبه الى العقل يسير الروح
    انا اخالفك الراي بال الروح اسمى واعلى الاشياء وهي التي ترقى بعالم اعلى من عالم العقول بل عالم الروح يسمو والعقل ادنى المهم ليشس موضوعنا المداخله والمشاركه اكبر من رائعه وانتي دائما هكذا بمشاركاتك مبدعه واضافاتك مفيده اشكرك مره اخرى
     
  11. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي حسن شحاته
     
  12. Dr.BAD

    Dr.BAD عضو جديد

    بارك الله فيك استاذي على هذا الموضوع الرائع
     
  13. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي العزيز
     
  14. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي العزيز
     

شارك هذه الصفحة