1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

تفسير قوله تعالى ان الله لا يغير ما بقوم

هذا النقاش في 'المنتدى الديني والشرعي' بدأه nawafali85، ‏7 أبريل 2014.

  1. nawafali85

    nawafali85 عضو

    قوله تعالى:إِنَّ اللَّهَ لَايُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَاللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ{الرعد:11}. بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافيةحتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله
    جل وعلا. والمعنى: أنه لا يسلب قوما نعمة أنعمها عليهم حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {لأنفال:53.
    وقوله: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}. وقد بين في هذه الآية أيضاً: أنه إذا أراد قوما بسوء فلا مرد له، وبين ذلك في مواضع أخر كقوله: وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ {الأنعام: 147}. ونحوها من الآيات. وقوله في هذه الآية الكريمة حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ يصدق بأن يكون التغيير من بعضهم كما وقع يوم أحد بتغيير الرماة ما بأنفسهم فعمت البلية الجميع،وقد سئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثير الخبث. اهـ.

    وقال ابن القيم: وهل زالت عن أحد قط نعمة إلا بشؤم معصيته فإن الله إذا أنعم على عبد بنعمة حفظها عليه ولا يغيرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغييرهاعن نفسه إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَالَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ {الرعد:11}. ومن تأمل ما قص الله تعالى في كتابه من أحوال الأمم الذين أزال نعمه عنهم وجد سبب ذلك جميعه إنما هو مخالفة أمره وعصيان رسله، وكذلك من نظر في أحوال أهل عصره وما أزال الله عنهم من نعمه وجد ذلك كله من سوء عواقب الذنوب كماقيل:إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم فما حفظت نعمة الله بشيء قط مثل طاعته، ولا حصلت فيها الزيادة بمثل شكره، ولا زالت عن العبد بمثل معصيته لربه، فإنها نار النعم التي تعمل فيها كما تعمل النار في الحطب اليابس... اهـ.

    وقال السعدي: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ من النعمةوالإحسان ورغد العيش، حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ بأن ينتقلوا منالإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بهافيسلبهم الله عند ذلك إياها.. وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية،فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسروروالغبطة والرحمة. انتهى.

    وقال الشيخ محمد رشيد علي رضا في تفسير المنار:كل مذنب يقع عليه عقاب ذنبه في الدنيا يندم ويتحسر ويعترف بظلمهوجرمه إذا علم أنه هو سبب العقاب، وما كل معاقب يعلم ذلك لأن من الذنوب ما يجهلأكثر الناس أنه سبب للعقاب، وأما الذنوب التي مضت سنة الله تعالى بجعل عقابها أثرالازما لها في الدنيا فلا تطرد في الأفراد كاطرادها في الأمم، ولا تكون دائما متصلةباقتراف الذنب، بل كثيرا ما تقع على التراخي فلا يشعر فاعلها بأنها أثر له، مثالذلك أن ما يتولد من شرب الخمر من الأمراض والآلام لا يعرف أكثر السكارى منه غير مايعقب الشرب من صداع وغثيان، وهو مما يسهل عليهم احتماله وترجيح لذة النشوة عليه،وأما ما يولده السكر من أمراض القلب والكبد والجهاز التناسلي، وما يترتب عليه منضعف النسل واستعداده للأمراض وانقطاعه أحيانا وغير ذلك من الأمراض الجسديةوالعصبية (العقلية) فهي تحصل ببطء، وقلما يعلم غير الأطباء أنها من تأثير السكر.ثم قلما يفيد العلم بها بعد بلوغ تأثيرها هذه الدرجة أن تحمل السكور على التوبة،لأن داء الخمار يزمن وحب السكر يضعف الإرادة، ومضار الزنا الجسدية أخفى من مضارالخمر والميسر، ومفاسده الاجتماعية أخفى من مضاره الجسدية، فما كل أحد يفطن لها.ويا ليت كل من علم بضرر ذنبه بعد وقوعه يرجع عنه ويتركه ويتوب إلى الله تعالى منه،ولا يكتفي بالاعتراف بظلمه، ولا بالإقرار بذنبه، فإن هذه لا فائدة له فيه لا فيدنياه، ولا في دينه، وإذا كان الراسخ في الفسق لا يتوب من ذنب وقع عليه ضرره وعلمبه، فكيف يتوب من ذنب لم يصبه منه ضرر أو أصابه من حيث لا يدري به ؟ إنما تسهل التوبةعلى المؤمنين الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، وإلا فهي لأوليالعزائم القوية الذين تقهر إرادتهم شهواتهم فهم الأقلون.وأما ذنوب الأمم فعقابها في الدنيا مطرد، ولكن لها آجالا ومواقيتأطول من مثلها في ذنوب الأفراد، وتختلف باختلاف أحوالها في القوة والضعف كما تختلف في الأفراد بل أشد، فإذا ظهر الظلم واختلال النظام ونشأ الترف وما يلزمه من الفسق والفجور في أمة من الأمم تمرض أخلاقها فتسوء أعمالها وتنحل قواها، ويفسد أمرها وتضعف منعتها، ويتمزق نسيج وحدتها، حتى تحسب جميعا وهي شتى - فيغري ذلك بعض الأمم القوية بها، فتستولي عليها، وتستأثر بخيرات بلادها، وتجعل أعزة أهلها أذلة. فهذه سنة مطردة في الأمم على تفاوت أمزجتها وقواها، وقلما تشعر أمة بعاقبة ذنوبها قبل وقوع عقوبتها، ولا ينفعها بعده أن يقول العارفون: يا ويلنا إنا كنا ظالمين. على أنه قد يعمها الجهل حتى لا تشعر بأن ما حل بها، إنما كان مما كسبت أيديها، فترضى باستذلال الأجنبي، كما رضيت من قبل بما كان سببا له من الظلم الوطني، فينطبق عليهاقولنا في المقصورة:من ساسه الظلم بسوط بأسه *** هان عليه الذل من حيث أتى ومن يهن هان عليه قومه *** وعرضه ودينه الذي ارتضى وقد تنقرض بما يعقبه الفسق والذل من قلة النسل، ولا سيما فشو الزنا والسكر، أو تبقى منها بقية مدغمة في الكثرة الغالبة لا أثر لها تعد به أمة. وقدتتوالى عليها العقوبات حتى تضيق بها ذرعا، فتبحث عن أسبابها، فلا تجدها بعد طول البحث إلا في أنفسها، وتعلم صدق قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍفَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى:30} ثم تبحث عن العلاج فتجده في قوله تعالى:إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ{الرعد:11}. وإنما يكون التغيير بالتوبة النصوح، والعمل الذي تصلح به القلوب فتصلح الأمور، كما قال العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم إذ توسل به عمر والصحابة بتقديمه لصلاة الاستسقاء بهم: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يرفع إلابتوبة. خلافا للحشوية الذين يستدلون به على أن البلاء إنما يرتفع كرامة للصالحينالذين يتوسل بهم المذنبون والمفسدون. ومتى علمت الأمة داءها وعلاجه فلا تعدم الوسائل له.فلينظر القارئ أين مكان الشعوب الإسلامية من هذه العبرة، والشعوربعقوبة الجناية والحاجة إلى علاج التوبة، وقد ثلت عروشها، وخوت صروح عظمتها على عروشها، وكانت أجدر الشعوب بمعرفة سنن الله في هلاك الأمم واتقائها، وأسباب حفظ الدول وبقائها، فقد أرشدها إليه القرآن، ولكن أين هي من هداية القرآن، وقد ترك تذكيرها به العلماء، فهجره الدهماء، وجهل أحكامه وحكمه الملوك والأمراء، ثم نبتت فيها نابتة لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، أقنعهم أساتذتهم أعداء الإسلام، بأن لاسبب لهبوطها وسقوطها إلا اتباع القرآن، فأضلوهم السبيل، ولفتوهم عن الدليل، فذنب هؤلاء أنهم يجهلونه، وذنب أولئك أنهم لا يقيمونه، هؤلاء مقلدة للأجانب الطامعين الخادعين، وأولئك مقلدة لشيوخ الحشوية الجامدين، فمتى تنتشر دعوة المصلحين أولي الاستقلال، فتجمع الكملة بما أوتيت من الحكمة والاعتدال، على قول الكبير المتعال:إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْوَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْدُونِهِ مِنْ وَالٍ {الرعد:11}. اهـوأما عن موضوع الهداية فان الدعاء بصدق من أعظم أسبابها ففي الحديثالقدسي: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم. رواه مسلم. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في افتتاح قيام الليل: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيماكانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. رواه مسلم.وبداية طريق الهداية من سلكها زاده الله هدى كما قال تعالى وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ {محمد: 17}. وقد ذكر العلماءأسبابا للهداية من أهمها:

    1- الإيمان بالله، قال تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ {التغابن:11}

    2- المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: وَاتَّبِعُوهُلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {لأعراف: 158}، وقال: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا{النور: 54}.

    3- الحرص على تعلم الوحي والعمل بما علم منه، قال تعالى: وَلَوْأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً* وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا *وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا {النساء: 66-68}.

    4- المواظبة على العبادات من صلاة وزكاة وصوم وغيرها، قال تعالى: إِنَّمَايَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَالصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْيَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ {التوبة:18} وعسى من الله واجبة كما قال ابن عباس.

    5- وجود العاطفة الربانية التي تجعل المسلم يحب ويبغض ويعطي ويمنع لله ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثمن كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحبالمرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار. وفي سنن أبي داود أنرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله،فقد استكمل الإيمان. والحديث صححه الألباني.
     
    آخر تعديل: ‏7 أبريل 2014

شارك هذه الصفحة